"وقيل غير هذا" في حكمة انتسابه له دون أبيه، فقيل: لأنه كان اشتهر بين الناس أنه يخرج من ذرية عبد المطلب رجل يدعو إلى الله، ويهدي الله الخلق على يديه، ويكون خاتم الأنبياء، فانتسب إليه ليتذكر ذلك من كان يعرفه، وقد اشتهر ذلك بينهم، وذكر سيف بن ذي يزن قديما لعبد المطلب قبل أن يتزوج عبد الله آمنة، فأراد صلى الله عليه وسلم تنبيه أصحابه، لأنه لا بد من ظهوره، وأن العاقبة لهم لتقوى نفوسهم، إذا عرفوا أنه ثابت غير منهزم. ذكره في الفتح، وفي الروض قال الخطابي: خص عبد المطلب بالذكر في هذا المقام تثتبيتا لنبوته، وإزالة للشك لما اشتهر وعرف من رؤيا عبد المطلب المبشرة به صلى الله عليه وسلم، وقد تقدمت، ولما انبأت به الأحبار والكها، فكأنه يقول: أنا ذاك، فلا بد مما وعدت به لئلا ينهزموا عنه، ويظنوا أنه مغلوب، أو مقتول، فالله أعلم، أراد ذلك رسوله أم لا انتهى، فليس من الافتخار بالآباء في شيء وبفرق تسليمه، فهو جائز في الحرب لإرهاب العدو. وقد روى الطبراني: أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: "أنا ابن العواتك"، ثم لما أقبل المسلمون سيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب، وأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، وأنزل جنودا، قتل الله من قتل من الكفار، وانهزم الأعداء من كل ناحية، وأفاء الله تعالى على رسوله أموالهم، ونساءهم وأبناءهم، وفر مالك بن عوف في ناس من أشراف قومه حتى بلغ حصن الطائف، وأسلم عند ذلك ناس كثير من مكة حين رأوا نصر الله لرسوله، وإعزاز دينه، "وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل من قدر عليه" من الكفار المنهزمين، فقال: "اجزروهم جزرا" وأومأ بيده إلى الحلق. أخرجه البزار برجال ثقات عن أنس، فامتثلوا أمره، فتبعوهم يقتلونهم، "وأفضى الناس على القتل إلى الذرية، فنهاهم عليه الصلاة والسلام عن ذلك".