لكن ابن إسحاق ذكره فيمن استشهد في الطائف، وذكر الواقدي أنه ذكر له صلى الله عليه وسلم: أن رجلا كان بحنين قاتل قتالا شديدا حتى اشتدت به الجراح، فقال: إنه من أهل النار، فارتاب بعض الناس من ذلك، فلما آذته الجراح نحر نفسه بسهم, فأمر صلى الله عليه وسلم بلالا ينادي: "ألا يدخل الجنة إلا مؤمن، إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر". والثابت في الصحيح أن ذلك يوم خيبر، كما مر في غزوتها، والواقدي لا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خالف خصوصا ما في الصحيح، فإن كان محفوظا فيمكن أنه وقع ذلك في كلتا الغزاتين لرجلين، وقد تقدم نقل كلام العلماء في قوله: "إنه من أهل النار". بأنه لنفاقه، أو إن لم يغفر الله له، أو إنه استحل قتل نفسه، أو شك في الإيمان لما جرح. فلا يلزم منه أن كل من قتل نفسه يقضى عليه بالنار، أو أنه يدخلها للتطهير، ولا يرد بقوله: "لا يدخل الجنة إلا مؤمن" لأن المراد لا يدخلها مع السابقين، أو بلا عذاب إلا من كمل إيمانه، ولا بالرجل الفاجر، لأنه يكفي في فجوره عصيانه، "وقتل من المشركين أكثر من سبعين قتيلا" وقت الحرب، فلا ينافيه حديث أنس عند البزار السابق قريبا: أن الزبير ومن معه قتلوا ثلاثمائة لأنه بعد انهزام الكفار ولا يخالف قوله أكثر قول ابن إسحاق وغيره: "واستحر"١ القتل وهو "بحاء" وراء من الحر، أي: اشتدت الحرب، وكثر من بني مالك من ثقيف، فقتل منهم سبعون رجلا تحت رايتهم. وما رواه البيهقي عن عبد الله بن الحارث عن أبيه: قال: قتل من أهل الطائف يوم حنين مثل من قتل يوم بدر، لأن الزائد على السبعين ممن اجتمع معهم من الأخلاط. قال ابن إسحاق: وكان راية ثقيف مع ذي الخمار، فقتل فأخذها عثمان بن عبد الله، فقاتل حتى قتل، فقال صلى الله عليه وسلم: "أبعده الله، فإنه كان يبغض قريشا" , وأسند ابن إسحاق أحمد، وصححه ابن حبان عن جابر قال: ورجل من هوازن أمامهم على جمل له أحمر، بيده راية سوداء في رأس رمح طويل، إذا أدرك طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه، فاتبعوه فأهوى له علي، ورجل من الأنصار، فضرب علي عرقوبي الجمل، فوقع على عجزه، فضرب الأنصاري الرجل