للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخلفه أبو موسى الأشعري فقاتلهم حتى فتح الله عليه.

وكان في السبي الشيماء أخته عليه الصلاة والسلام من الرضاعة.


على نقله لا يتجه رده بما قال، فإن رواة سيرة ابن هشام متعددون، فهو قطعا في رواية يونس الشيباني وإبراهيم بن سعد أو غيرهما عنه، "فخلفه أبو موسى الأشعري" باستخلافه، كما في الصحيح، وبه جزم ابن سعد، فقول ابن هشام: وولى الناس أبا موسى، أي أقروه على استخلاف عمه، "فقاتلهم حتى فتح الله عليه" بأن هزم المشركين، وظفر المسلمون بالغنائم والسبايا.
"وكان في السبي الشيماء" بفتح المعجمة وسكون التحتية، ويقال فيها: الشماء بلا ياء ابنة الحارث بن عبد العزى السعدية، ذكرها أبو نعيم وغيره في الصحابة، وقدمت الخلاف في أن اسمها جدامة بضم الجيم ودال مهملة وميم, أو حذافة بحاء مهملة مضمومة وذال معجمة مفتوحة وفاء, أو خذامة بخاء مكسورة وذال معجمتين, "أخته عليه الصلاة والسلام من الرضاعة" من جهة أنه عليه الصلاة والسلام رضع أمها بلبان أبيها.
ذكر ابن إسحاق والواقدي وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: "إن قدرتم على بجاد". رجل من بني سعد "فلا يفلتنكم" وكان أحدث حدثا عظيما: أتاه مسلم فقطعه عضوا عضوا، ثم أحرقه بالنار، فظفروا به، فساقوه وأهله، وساقوا معه الشيماء، وأتعبوها في السير، فقالت: تعلموا والله إني أخت صاحبكم من الرضاعة، فلم يصدقوها، فلما انتهوا بها إليه صلى الله عليه وسلم، قالت: يا رسول الله إني أختك، قال: "وما علامة ذلك" قالت: عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك، فعرف العلامة فبسط لها رداءه، فأجلسها عليه، ورحب بها، ودمعت عيناه، وقال لها: "إن أحببت فعندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك، وترجعي إلى قومك فعلت". فقالت: بل تمتعني وتردني إلى قومي، فأسلمت, قال ابن إسحاق: فأعطاها جارية، وغلاما اسمه مكحول، فزوجته بها، فلم يزل فيهم من نسلهما بقية، ومكحول صحابي، كما في الإصابة, وعند الواقدي فأعطاها ثلاثة أعبد، وجارية، وأمر لها ببعير أو بعيرين، وقال لها: "ارجعي إلى الجعرانة تكونين مع قومك، فإني أمضي إلى الطائف"، فرجعت إليها ووافاها بها، فأعطاها نعما وشاء ولمن بقي من أهل بيتها، وكلمته في بجاد أن يهبه لها، ويعفو عنه، ففعل صلى الله عليه وسلم.
هذا وما وقع عند الواقدي أنه صلى الله عليه وسلم سألها عن أبويها، فأخبرته أنهما ماتا لا يصح, فقد روى أبو داود، وأبو يعلى وغيرهما، عن أبي الطفيل أنه صلى الله عليه وسلم كان بالجعرانة يقسم لحما، فأقبلت امرأة بدوية، فلما دنت منه بسط لها رداءه، فجلست عليه، فقلت: من هذه؟ قالوا: أمه التي أرضعته، وذكر ابن إسحاق أن زوجها الحارث عاش بعده عليه السلام، والواقدي لا يحتج به إذا انفرد، فكيف

<<  <  ج: ص:  >  >>