كما وردنا ببدر دون ما طلبوا ... أهل النفاق ففينا ينزل الظفر ونحن جندك يوم النصف من أحد ... إذ حزبت بطرا أحزابها مضر فما ونينا وما خبنا وما خبروا ... منا عثارا وكل الناس قد عثروا أورده ابن إسحاق وغيره، "قال أنس: فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم". روى الإمام أحمد وابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري: أن الذي حدثه سعد بن عبادة، ولفظه لما أطى صلى الله عليه وسلم من تلك العطايا في قريش، وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت المقالة، فدخل عليه سعد بن عبادة، فذكر له ذلك، فقال: "فأين أنت من ذلك يا سعد" قال: ما أنا إلا من قومي، قال الحافظ: وهذا يعكر عليه رواية الصحيح، ففيها أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا فإن سعدا من رؤسائهم بلا ريب، إلا أن يحمل على الأغلب الأكثر، وإن المخاطب سعد، ولم يرد إدخال نفسه في النفي، أو أنه لم يقل ذلك في اللفظ، وإن رضي بالقول المذكور، فقال: ما أنا إلا من قومي وهذا أوجه. وفي مغازي التيمي أن سبب حزنهم، أنهم خافوا أن يكون صلى الله عليه وسلم يريد الإقامة بمكة، وما في الصحيح أصح على أنه لا يمنع الجمع وهو أولى، واختلف في أن العطاء من الغنيمة وهو المعتمد، وظاهر الروايات الماضية، وهو المخصوص بهذه الواقعة، وقد ذكر السبب في رواية البخاري حيث قال: "إن قريشا حديثو عهد بجاهلية ومصيبة وإني أردت أن أخبرهم، وأتألفهم أو من الخمس"، ورجحه القرطبي في المفهم، واختاره أبو عبيدة، وجزم له الواقدي، لكنه ليس بحجة إذا انفرد فكيف إذا خالف، وقيل: إنما تصرف في الغنيمة؛ لأن الأنصار كانوا انهزموا، فلم يراجعوا حتى هزم الكفار، فرد الله أمر الغنيمة لنبيه، وهذا معنى القول الأول أنه خاص بهذه الوقعة، ا. هـ ملخصا "فأرسل إلى الأنصار" سعد بن عبادة، ففي حديث أبي سعيد عند ابن إسحاق وأحمد قال صلى الله عليه وسلم: "فاجمع لي قومك" فخرج "فجمعهم في قبة" خيمة "من آدم"، بفتح الهمزة المقصورة، والدال جلد مدبوغ، قال في رواية البخاري: ولم يدع معهم، غيرهم فلما اجتمعوا قام صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما حديث بلغني عنكم" فقال فقهاء الأنصار: أما فقهاؤنا، فلم يقولوا شيئا، وأما ناس منا حديثة أسنانهم، فقالوا: يغفر الله لرسوله، يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم"، ثم قال لهم: "تلو هذا "أما" بخفة الميم "ترضون أن يذهب الناس بالأموال"، وفي رواية: "ألا ترضون أن