قال شيخنا: استئناف بياني في جواب سؤال تقديره، وكيف نالوا ذلك مع راحة أبدانهم، وعدم المجاهدة، وكان الظاهر أن، يقال: إن عذرهم أسقط مؤاخذتهم بالتخلف، وكيف يحصل الثواب على شيء ما فعلوه، والجواب ظاهر مما ذكره، انتهى. "ولما أشرف صلى الله عليه وسلم" كما رواه الشيخان وغيرهما، عن أبي حميد الساعدي، قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك حتى إذا أشرفنا "على المدينة، قال: "هذه طابة" بألف بعد الطاء، وفتح الموحدة سماها الله به، كما رواه مسلم مرفوعا مشتق من الطيب، كطيبة لطيب هوائها وترابها، وساكنها وطيب العيش بها. قال ابن بطال: من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة، لا توجد في غيرها. زاد بن أبي شيبة أسكننيها ربي تنفي خبث أهلها، كما ينفي الكير خبث الحديد، بفتح المعجمة، والموحدة، فمثلثة وسخه الذي يخرجه، والمراد أنها، لا تترك فيها من في قلبه دغل، بل تخرجه، كما يميز الحداد رديء الحديد من جيده، ونسب للكير، لكونه السبب الأكبر في إشعال النار التي يقع بها، ذلك. وروى خبث، بضم فسكون ورجح الأول لمناسبة الكير، وقيل غير ذلك، وقد بلغت أسماؤها خمسا وتسعين، وكثرة الأسماء آية شرف المسمى، "وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه" حقيقة على الصحيح، ولا مانع منه بأن يخلق له المحبة في بعض الجمادات، كتسبيح الحصا وحنين الجذع، وقيل: هو مجاز، والمراد أهله نحو: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَة} [يوسف: ٨٢] وقال الشاعر: