نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا فكان تخلفهم عن هذه الغزوة كبيرا لأنها كالنكث لبيعتهم. قال السهيلي: ولا أعرف لها وجها غيره، وقال الحافظ وإنما غلظ الأمر على الثلاثة وهجروا لأنهم تركوا الواجب بلا عذر؛ لأن الإمام إذا استنفر الجيش عموما، لزمهم النفير ولحق اللوم بكل فرد، فرد أن لو تخلف، فهذا وجه ثان غير الذي ذكر، ولعله أقعد، ويؤيده قوله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم} [التوبة: ١٢٠] وللشافعية وجه: أن الجهاد كان فرض عين في زمنه صلى الله عليه وسلم فعليه يتوجه العتاب على من تخالف مطلقا، وعند البيهقي في الدلائل النبوية "من مرسل سعيد بن المسيب" بن حزن، التابعي الجليل، ابن الصحابي، حفيد الصحابي، "أن أبا لبابة" رفاعة بن عبد المنذر، الأنصاري "لما أشار لبني قريظة بيده إلى حلقه" حين قالوا له: أترى أن ننزل على حكم محمد "أن الذبح، فأخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحسبت أن الله غفل عن يدك حين تشير إليهم بها إلى حلقك" فلبث حينا" زمنا "ورسول الله صلى الله عليه وسلم عاتب عليه، ثم غزا تبوكا" بالصرف إلى إرادة الموضع، "فتخلف عنه أبو لبابة في " جملة "من تخلف، فلما قفل" بفتح القاف، والفاء، ولام رجع "رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها جاء أبو لبابة، يسلم عليه، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع أبو لبابه فارتبط بسارية التوبة", وهي العمود المخلق، أي المطلق بالخلوق بوزن رسول، وهو ما يخلق به من الطيب "سبعا" من الليالي، وقيل ستا، وقيل بضع عشرة كما مر، "وقال: لا يزال هذا مكاني حتى أفارق الدنيا" بالموت، "أو يتوب الله على الحديث" بقيته فأنزل الله تعالى، {وَآخَرُونَ} ، فأرسل صلى الله عليه وسلم إلى أبي لبابة ليطلقه، فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول الله، فجاء صلى الله عليه وسلم فأطلقه بيده قال البيهقي،