للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] الآية.

وقد دلت هذه الآية الكريمة على نجاسة المشرك كما في الصحيح "المؤمن لا ينجس" وأما نجاسة بدنه فالجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم، وهذا ضعيف؛ لأن أعيانهم لو كانت نجسة كالكلب والخنزير لما طهرهم الإسلام، ولاستوى في النهي عن دخول المشركين المسجد الحرام وغيره من المساجد


الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: ٢٨] أي لا يدخلوا الحرم كله؛ لأن المسجد الحرام حيث أطلق في القرآن فالمراد به الحرم كله، كما قاله ابن عباس، وابن جبير ومجاهد وعطاء وغيرهم.
رواه ابن أبي حاتم {بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} وهو صريح في منعهم دخوله ولو لم يقصدوا الحج لكن لما كان الحج هو المقصود الأعظم، صرح لهم في الحديث بالمنع منه فقال: أن لا يحج بعد العام مشرك، فيكون ما وراءه أولى بالمنع، كما في الفتح "الآية".
روى ابن جرير وغيره عن سعيد بن جبير وعكرمة وغيرهما، لما نزلت {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا شق ذلك على المسلمين، وقالوا: من يأتينا بالطعام وبالمتاع فنزل: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: ٢٨] ، "وقد دلت هذه الآية الكريمة" بالمنطوق "على نجاسة المشرك، كما" دل مفهوم قوله صلى الله عليه وسل في الحديث "الصحيح" الذي خرج الشيخان وأصحاب السنن "المؤمن لا ينجس" في حد ذاته حيا ولا ميتا عند الأكثر، ولذا يغسل إذا مات نعم يتنجس من ترك التحفظ من النجاسات والأقذار، وقد علمت أن التشبيه في مطلق الدلالة وإن اختلفت، والمراد نجاسة اعتقادهم عند الجمهور، "وأما نجاسة بدنه فالجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات" عطف تفسير، بل طاهر وحجتهم أن الله تعالى أباح الكتابيات، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن ومع ذلك فلم يجب عليه من غسل الكتابية الأمثل ما يجب عليه من غسل المسلمة، فدل على الطهارة إذ لا فرق بين النساء والرجال، "وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم" تمسكا بظاهر الآية والحديث، حتى أفرط بعضهم فقال: ينجس الماء بملاقاتهم ويجب الوضوء على كل من صافحهم، "وهذا ضعيف لأن أعيانهم لو كانت نجسة كالكلب والخنزير" عند من قال بنجاستهما "لما طهرهم الإسلام" وهو خلاف الإجماع "ولاستوى في النهي عن دخول المشركين المسجد الحرام" بالرفع فاعل "استوى وغيره من المساجد" مع أن في ذلك خلافا بين الأئمة، فاستدل الشافعي بظاهر الآية على أنهم لا يمنعون من دخول سائر المساجد إن أذن

<<  <  ج: ص:  >  >>