لكن استبعده الطبري من حيث إن بلوغهم الخبر إنما هو عند وقوع النداء به يوم النحر، فكيف: يقال سيحوا أربعة أشهر ولم يبق منها إلا دون شهرين، ثم أسند عن السدي وغير واحد التصريح بأن تمام الأربعة أشهر في ربيع الآخر. قال العلماء: والحكمة في إرسال علي بعد أبي بكر أن عادة العرب جرت بأن لا ينقض العهد إلا من عقده، أو من هو من أهل بيته، فأجراهم في ذلك على عادتهم، وقيل لأن براءة تضمنت مدح أبي بكر، فأراد أن يسمعوه من غيره، وهذا غفلة من قائله حمله عليها ظنه أن المراد تبليغها كلها، وليس كذلك إنما أمر بتبليغ أوائلها فقط كما مر. انتهى من الفتح، ثم انتهت رواية البخاري هنا في التفسير والصلاة، وزاد في الجزية قوله، "فنبذ" قال الحافظ وغيره: أي طرح "أبو بكر إلى الناس" عقدهم "في ذلك العام، فلم يحج في العام القابل الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع مشرك....." قال الحافظ: وقوله: فنبذ إلخ. هو أيضا مرسل من قول حميد بن عبد الرحمن والمراد أن أبا بكر أفصح لهم بذلك قال المهلب: خشي صلى الله عليه وسلم غدر المشركين، فلذا بعث من ينادي بذلك، وقد قال تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] أي اطرح إليهم عهدهم، وذلك بأن يرسل إليهم من يعلمهم بأن العهد انقضى. قال ابن عباس: أي على مثل، وقيل على عدل، وقيل أعلمهم أنك قد جازيتهم حتى يصيروا مثلك في العلم بذلك، وقال الأزهري: المعنى إذا عاهدت قوما فخشيت منهم النقض، فلا توقع بهم بمجرد ذلك حتى تعلمهم، انتهى. "فأنزل الله تعالى في العام الذي نبذ فيه أبو بكر إلى المشركين" عقدهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨] {فَلَا يَقْرَبُوا