للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم كان يوم النحر، فأفضنا فلما رجع أبو بكر خطب الناس فحدثهم عن إفاضتهم وعن نحرهم وعن مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها.

فلما كان يوم النفر الأول قام أبو بكر فخطب الناس، فحدثهم كيف ينفرون، وكيف يرمون يعلمهم مناسكهم، فلما فرغ قام عي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها.

وهذا السياق فيه غرابة من جهة أن أمير الحج سنة عمرة الجعرانة إنما هو عتاب بن أسيد، أما أبو بكر رضي الله عنه فإنما كان سنة تسع.


قال الحافظ: فيجمع بأن عليًّا قرأها كلها في المواطن المذكورة وأما في سائر الأوقات، فكان يؤذن لا يحج بعد العام، إلخ ويستعين بأبي هريرة وغيره. ا. هـ. فليتأمل فإن جملة المواطن عرفة، وقد صرح علي كما ترى بأنه قرأ فيها أربعين آية، فاللائق تأويل قول جابر حتى ختمها، أي المقصود منها تجوزا، وهو أربعون، فيوافق قول علي؛ لأنه أدرى بما قرأ "فلما كان يوم النفر الأول قام أبو بكر فخطب الناس، فحدثهم كيف ينفرون، وكيف يرمون يعلمهم مناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس" أوائل "براءة حتى ختمها".
وحكمة تكريره أربع مرات ما صرح به علي كما سمعت، أن الجميع لم يحضروا خطبة عرفة، ولم يكتف بانتشار الخبر وتنبيهًا على الاعتناء بشأن هذا الأمر حتى كرره بعد الخطب، "وهذا السياق" كما قال الحافظ عماد الدين بن كثير "فيه غرابة من جهة أن أمير الحج سنة عمرة الجعرانة، إنما هو عتاب بن أسيد، فأما أبو بكر رضي الله عنه فإنما كان" أمير الحج "سنة تسع" وقال المحب الطبري نحوه، وقال الحافظ في كتاب التفسير: يمكن رفع الإشكال في قوله: بعث أبا بكر، وقول أبي هريرة: لما قفل النبي صلى الله عليه وسلم من حنين اعتمر من الجعرانة، ثم أمر أبا بكر على تلك الحجة.
أخرجه عبد الرزاق، وصححه ابن حبان، بأن المراد بعد أن رجع إلى المدينة وطوى ذكر من ولى الحج سنة ثمان، فإنه صلى الله عليه وسلم لما رجع من العمرة إلى الجعرانة فأصبح بها توجه هو ومن معه إلى المدينة إلى أن جاء أوان الحج، فأمر أبا بكر سنة تسع، وليس المراد أنه بعثه، أو أمره أن يحج سنة عمرة الجعرانة، وقوله: على تلك الحجة يريد الآتية بعد رجوعهم إلى المدينة انتهى، وهو حسن أولى من قوله هنا كان الطبري تبع الماوردي في قوله: أمر صلى الله عليه وسلم عتابا أن يحج بالناس عام الفتح، والذي جزم به الأزرقي خلافه قال: لم يبلغنا أنه استعمل في تلك السنة على الحج أحدا، وإنما ولى عتابا أمرة مكة وحج المسلمون والمشركون جميعا، وكان المسلمون مع عتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>