واستدل بهذه القصة على أن فرض الحج كان قبل حجة الوداع والأحاديث في ذلك شهيرة كثيرة.
وذهب جماعة إلى أن حج أبي بكر هذا لم يسقط عنه الفرض بل كان تطوعا قبل فرض الحج ولا يخفى ضعفه.
لكونه الأمير انتهى لأن الأزرقي إنما نفى أنه بلغه، ولم يطلق النفي، وقد جزم الماوردي وابن كثير والمحب الطبري وغيرهم: بأنه صلى الله عليه وسلم ولى عتابا مكة والحجة سنة ثمان، وتبعهم المصنف في المقصد الثاني: "واستدل بهذه القصة" التي هي حديث أبي هريرة في أرفع الصحيح وحديث جابر وهو صحيح "على أن فرض الحج كان قبل حجة الوداع" إذ لو لم يكن فرضا لما اعتنى ببعث أمير يقيمه للناس وإنما تخلف هو لما ذكر ابن عائذ أن المشركين كانوا يحجون مع المسلمين، ويعلون أصواتهم ليغلطوهم، يقولون: لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك، ويطوف رجال منهم عراة، فكره صلى الله عليه وسلم الحج ذلك العام، فلما دنا علي بذلك قالوا: نبرأ منك ومن ابن عمك إلا من الضرب والطعن، فلما رجعوا أرعبهم الله، فأسلموا طوعا وكرها، "والأحاديث في ذلك شهيرة كثيرة، وذهب جماعة إلى أن حج أبي بكر هذا لم يسقط عنه الفرض" حيث خوطب به بعد، فلم يعتد به فيما وجب عليه، فلا يرد أن السقوط فرع الوجوب وهو لم يجب، فكيف عبر بالسقوط، "بل كان تطوعا قبل فرض الحج ولا يخفى ضعفه" لكثرة الأحاديث الدالة على خلافه والله أعلم.