قال الخطابي: آخر الصدقة عن الصلاة لأنها إنما تجب على قوم دون قوم، ولأنها لا تكرر تكرر الصلاة، وهو حسن وتمامه أن يقال بدأ بالأهم فالأهم، وذلك من التلطف في الخطاب؛ لأنه لو طالبهم بالجميع في أول مرة لم يأمن النفرة. وقال بعضهم: هو استدلال ضعيف لأن الترتيب في الدعوة لا يستلزم الترتيب في الوجوب، وقد قدمت إحداهما على الأخرى ورتبت الأخرى عليها بالفاء لئلا يلزم من عدم الإتيان بالصلاة إسقاط الزكاة "فإنهم أطاعوا لك بذلك". وفي رواية فإذا أقروا بذلك "فإياك وكرائم" جمع كريمة، أي نفائس "أموالهم" لأن الزكاة لمواساة الفقراء فلا يناسب ذلك الإجحاف بمال الأغنياء، وكرائم منصوب بفعل مضمر، لا يجوز اظهاره. قال ابن قتيبة: ولا يجوز حذف الواو، " واتق دعوة المظلوم" أي تجنب الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم، وفيه تنبيه على المنع من جميع أنواع الظلم، فالنكتة في ذكره عقب منع أخذ الكرائم الإشارة إلى أن أخذها ظلم. وقال بعضهم: عطف واتق على عامل إياك المحذوف وجوبا، فالتقدير اتق نفسك أن تتعرض للكرائم، إشارة إلى أنه ظلم لكنه عمم إشارة إلى التحرز عن الظلم مطلقا، "فإنه ليس بينها" وفي رواية بينه، أي الدعاء "وبين الله حجاب" أي صارف يصرفها، ولا مانع، أي أنها مقبولة وإن كان عاصيا، كما في حديث أبي هريرة عند أحمد مرفوعا، دعوة المظلوم مستجابة، وإن كان فاجرا، ففجوره على نفسه، وإسناده حسن، وليس المراد أن لله حجابا يحجبه عن الناس، وقال الطيبي: "اتق دعوة المظلوم" تذييل لاشتماله على الظلم الخاص من أخذ الكرائم وعلى غيره، وقوله: "فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" تعليل للاتقاء وتمثيل للدعاء كمن يقصد دار