للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...........................


قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا تريحني من ذي الخلصة" فقلت: بلى فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل، وكنت لا أثبت على الخيل، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضرب في صدري، وقال: "اللهم ثبته واجعله هاديا مهذبا"، فما وقعت عن فرس بعد، وكان ذو الخلصة بيتا باليمن لخثعم وبجيلة فيه نصب تعبد يقال له الكعبة، فانطلق إليها فكسرها وحرقها، ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول جرير، والذي بعثك بالحق ما جئت حتى تركتها كأنها جمل أجرب، فبارك في خيل أحمس ورجالها خمس مرات، رواه الشيخان، وسمي في رواية مسلم رسول جرير حصين بن ربيعة الأحمسي، ولبعض رواته بين بدل الصاد، وهو تصحيف، وعند الطبراني عن جرير بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أقاتلهم وأدعوهم أن يقولوا لا إله إلا الله، والذي يظهر كما قال الحافظ: أنه غير بعثه إلى هدم الصنم ويحتمل أنه بعثه إلى الجهتين على الترتيب ويؤيده ما وقع عند ابن حبان في حديث جرير أنه صلى الله عليه وسلم قال له: "يا جرير أنه لم يبق من طواغيت الجاهلية إلا بيت ذي الخلصة" فإنه يشعر بتأخير هذه القصة جدا، وقد شهد جرير حجة الوداع، فكأن إرساله كان بعدها فهدمها ثم توجه إلى اليمن ولما رجع بلغته وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وحكى المبرد: أن موضع ذي الخلصة صار مسجدا جامعا لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم ووهم من قال في بلاد فارس وأن تعجب فعجب إيراد الشامي هنا سرية عمرو بن مرة الجهني إلى أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب في مزينة وجهينة، فساروا إلى أبي سفيان، فهزم وكثر القتل في أصحابه.
رواه ابن عساكر، فإن هذا إن صح، فكانت قبل فتح مكة قطعا؛ لأنه أسلم في الفتح، كما مر، فكيف يورد في سنة إحدى عشرة، ولا أعلم كيف خفي عليه ذلك والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>