للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما توفي صلى الله عليه وسلم دخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة، ودخل بريدة بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرزه عند بابه. فلما بويع أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت أسامة ليمضي لوجهه، فمضى به إلى معسكرهم الأول، وخرج أسامة هلال بن ربيع الآخر سنة إحدى عشرة إلى أهل أبنى، فشن عليهم الغارة، فقتل من أشرف له، وسبي من قدر عليه، وحرق منازلهم ونخلهم، وقتل قاتل أبيه في الغارة، ثم رجع إلى المدينة، ولم يصب أحد من المسلمين.


وإنما ذكر هنا تاريخه، "ولما توفي صلى الله عليه وسلم دخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة. ودخل بريدة بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرزه عند بابه فلما بويع أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت أسامة ليمضي لوجهه، فمضى به إلى معسكرهم الأول" وأمر أبو بكر مناديا لا يتخلف عن أسامة من بعثه من كان انتدب معه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لن أوتي بأحد أبطأ عن الخروج معه إلا ألحقته به ماشيا، فلم يتخلف عنه أحد. ومشى أبو بكر إلى بيت أسامة، فكلمه. أن يأذن لعمر في التخلف ففعل. "وخرج أسامة هلال ربيع الأخر سنة إحدى عشرة" في جيشه ثلاثة آلاف، كما مر وفيهم ألف فارس. وخرج أبو بكر يشيعه، فركب من الجرف، وسار أبو بكر إلى جنبه ساعة، وقال: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيك فانفذ لأمره، فأسرع "إلى أهل ابنى" فقدم عينا له من عذرة يدعى حريثا فانتهى إلى أبنى ثم عاد، فلقي أسامة على ليلتين منها، فأخبره أنهم غارون، ولا جموع لهم، وحثه لى سرعة السير قبل اجتماعهم، فسار إلى أبنى وعبى اصحابه، "فشن عليهم الغارة فقتل من أشرف له، وسبي من قدر عليه وحرق منازهم ونخلهم".
زاد اليعمري وحرثهم وأجال الخيل في عرصاتهم، وأقاموا يومهم ذلك في تعبية ما أصابوا من الغنائم. وكان أسامة على فرس أبيه سبحة، أي بفتح المهملة وسكون الموحدة، "وقتل قاتل أبيه" ظاهر السياق بناؤه للفاعل، لكن قرأه البرهان بالمفعول، فقال: لا أعرف اسم قاتله، وكأنه لقوله "في الغارة" وأيضا لو قرئ بالفاعل لا يعين أن قاتله أسامة لما علم أن الإسناد إلى الأمير مجاز.
زاد اليعمري وأسهم للفرس سهمين وللفارس سهما وأخذ لنفسه مثل ذلك، فلما أمسى أمر الناس بالرحيل، "ثم" أسرع السير فورد وادي القرى في تسع ليال فبعث بشيرا إلى المدينة بسلامتهم، ثم قصد في السير ستا حتى "رجع إلى المدينة. ولم يصب أحد من المسلمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>