للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتاه أعرابي، فقال: يا رسول الله، خلفت البلاد يابسة، والماء يابسًا وخلفت المال عابسًا، هلك المال وضاع العيال، فعد علي ما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين. قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه. الحديث. وتأتي تتمته إن شاء الله تعالى قريبًا.

ويعني بالذبيحين: عبد الله وإسماعيل بن إبراهيم.

وإن كان قد ذهب بعض العلماء إلى أن الذبيح إسحاق.

فإن صح هذا.................................


فأتاه أعرابي، فقال: يا رسول الله! خلفت البلاد يابسة" مجدبة لا خصب فيها، "والماء" أي: محلاته التي يصيبها "يابسًا" لعدم الماء, وفي نسخة: خلفت الكلأ يابسًا، أي: العشب وصفه باليبس لبيان صفته التي تركه عليها، فالكلأ العشب رطبًا كان أو يابسًا؛ كما في المختار، وزعم أن هذه النسخة هي التي في غيره والأولى تصحيف عجيب باطل، فالأولى هي الثابتة في المقاصد عن المستدرك، "وخلفت المال عابسًا" أي: كالحًا، أي: متغيرًا مهزولا؛ وكأنه أراد بالمال الماشية، "هلك المال وضاع العيال فعد علي" أعطني شيئًا أستعين به "مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين، قال" معاوية "فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه" فأفاد أنه إسماعيل، وهذا احتج به معاوية على من قال: إنه إسحاق، فإن أول الحديث عند الحاكم عن الصنابحي: حضرنا مجلس معاوية فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق، فقال بعضهم: إسماعيل الذبيح، وقال بعضهم: بل إسحاق، فقال معاوية، سقطتم على الخبير، وذكره "الحديث، وتأتي تتمته إن شاء الله تعالى قريبًا" جدًا، "ويعني بالذبيحين: عبد الله وإسماعيل بن إبراهيم" كما قاله جماعة من الصحابة والتابعين وغيرهم ورجحه جماعة، وقال أبو حاتم: إنه الصحيح، والبيضاوي: إنه الأظهر.
"وإن كان قد ذهب بعض العلماء إلى أن الذبيح إسحاق" بل عزاه ابن عطية والمحب الطبري والقرطبي للأكثرين، وأجمع عليه أهل الكتابين وقال به من الصحابة، كما قال البغوي وغيره العباس وابنه، وعمر وابنه، وعلي وجابر وهو الصحيح عن ابن مسعود، ومن التابعين: علقمة، والشعبي، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وكعب الأخبار، وقتادة، ومسروق، وعكرمة، والقاسم بن أبي برة، وعطاء، ومقاتل، وعبد الرحمن بن سابط، والزهري، والسدي، وعبد الله بن أبي الهذيل، والقاسم بن زيد، ومكحول، والحسن. وذهب إليه مالك واختاره ابن جرير، وجزم به عياض والسهيلي، ومال إليه السيوطي في علم التفسير.
"فإن صح هذا" في نفس الأمر وإلا فكيف لا يصح، وقد قال به من ذكر والحجة لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>