للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعرب تجعل العم أبًا، قال الله تعالى إخبارًا عن بني يعقوب عليهم الصلاة والسلام: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة: ١٣٣] .

وفي حديث معاوية -الموعود بتتمته قريبًا-....................


قوله صلى الله عليه وسلم: "الذبيح إسحاق" رواه الدارقطني عن ابن مسعود وابن مردويه والبزار عن العباس، وفيه المبارك بن فضالة ضعفه الجمهور، لكن رواه الحاكم من طرق عن العباس، وقال: صحيح علي شرطهما. وقال الذهبي: صحيح.
ورواه ابن مردويه عن أبي هريرة قال ابن كثير: وفيه الحسن بن دينار متروك، وشيخه منكر وقد رواه ابن أبي حاتم مرفوعًا ثم رواه عن مبارك بن فضالة موقوفًا وهو أشبه وأصح، وتعقبه السيوطي بأن مباركًا قد رفعه مرة فأخرجه البزار عنه مرفوعًا، وله شواهد عنده وعند الديلمي عن العباس مرفوعًا في حديث بلفظ: "وأما إسحاق فبذل نفسه للذبح"، والطبراني وابن أبي حاتم عن أبي هريرة مرفوعًا نحوه بسند ضعيف، وللطبراني أيضًا بسند ضعيف عن ابن مسعود: سئل صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس؟ قال: "يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الل"، وأخرج في الكبير عن أبي الأحوص، قال: افتخر رجل عند ابن مسعود، وفي لفظ: فاخر أسماء بن خارجة رجلا، فقال: أنا ابن الأشياخ الكرام، فقال عبد الله: ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله وإسناده صحيح موقوف. ا. هـ. ملخصًا.
فهذه أحاديث يعضد بعضها بعضًا، فأقل مراتب الحديث الأول أنه حسن، فكيف وقد صححه الحاكم والذهبي وهو نص صريح لا يقبل التأويل بخلاف حديث معاوية فإنه قابل له.
"فالعرب تجعل العم أبا، قال الله تعالى إخبارًا عن بني يعقوب عليهم الصلاة والسلام" جمعها وإن كان فيهم غير أنبياء لجوازها تبعًا وهو استدلال على جعل العم أبا، {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ} [البقرة: ١٣٣، الأنعام: ١٤٤] ، حضورًا والخطاب لليهود، فإنه نزل ردًا عليهم لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية، " {إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} " [البقرة: ١٣٣] ، إذ بدل من إذ قبله: " {قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي} " بعد موتي، " {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} " [البقرة: ١٣٣] ، فجعل إسماعيل أبا وهو عم لأنه بمنزلته، في حمل حديث معاوية على ذلك جمعًا بين الحديثين.
وأما القول بأنهما عبد الله وهابيل فغريب، وإن نقله مغلطاي ولا يصح إلا بجعل العم أبا أيضًا، فإن المصطفى من ولد شيث "وفي حديث معاوية الموعود بتتمته قريبًا" قال: راويه

<<  <  ج: ص:  >  >>