للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال معاوية: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الأمر بها أن ينحر بعض ولده، فأخرجهم فأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله، فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم، وقالوا أرض ربك، وافد ابنك، ففداه بمائة ناقة، فهو الذبيح الأول وإسماعيل الذبيح الثاني.

قال ابن القيم: "ومما يدل على أن الذبيح إسماعيل، أنه لا ريب أن الذبيح كان بمكة، ولذلك جعلت القرابين يوم النحر بها، كما جعل السعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار بها تذكيرًا لشأن إسماعيل وأمه وإقامة لذكر الله تعالى، ومعلوم أن إسماعيل وأمه هما اللذان كانا بمكة دون إسحاق وأمه".


الصنابجي، فقلنا: وما الذبيحان؟ "قال معاوية: إن عبد المطلب لما أمر" بالبناء للمفعول "بحفر زمزم" وعير بقلة الولد "نذر لله إن سهل" الله "الأمر بها" وجاءه عشرة بنين "أن ينحر بعض ولده" أي: واحدًا منهم؛ كما مر، والأخبار يفسر بعضها ببعض، "فأخرجهم فأسهم بينهم، فخرج السهم لعبد الله، فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم" من ذبحه حتى يعذر فيه إلى ربه، ومر عن ابن إسحاق أن المغيرة المخزومي قال له: والله لا تذبحه أبدًا حتى يعذر فيه إلى ربه، ومر عن ابن إسحاق أن المغيرة المخزومي قال له: والله لا تذبحه أبدًا حتى تعذر فيه، فإن كان فداؤه بأموالنا فديناه ومثله في الشامية، وليس فيه أن المخاطب له بذلك منهم؛ كما ادعي، ولا اللفظ يقتضي ذلك فنقل كلام عن واحد لا ينفي أن غيره قال مثله، حتى يزعم الحصر "وقالوا: أرض ربك" بهمزة قطع مفتوحة "وافد ابن" بهمزة وصل "ففداه بمائة ناقة، فهو الذبيح الأول" من أبويه صلى الله عليه وسلم، سماه أولا لقربه منه وأنه أبوه بلا واسطة، "وإسماعيل الذبيح الثاني" وهذا لم يرفعه معاوية، وإنما قاله استنباطًا من تبسمه صلى الله عليه وسلم بعد قول الأعرابي: يا ابن الذبيحين، ومعلوم أن صريح المرفوع مقدم على الاستنباط، فيرد المحتمل إلى الصريح جمعًا بين الدليلين.
"قال ابن القيم: ومما يدل على أن الذبيح إسماعيل، أنه لا ريب" لا شك "أن الذبيح كان بمكة ولذلك جعلت القرابين" بفتح القاف جمع قربان بضمها، وهو ما تقرب به إلى الله،؛ كما في المختار "يوم النحر بها، كما جعل السعي بين الصفا والمروة" وكما جعل "رمي الجمار بها تذكيرًا لشأن إسماعيل وأمه، وإقامة لذكر الله تعالى، ومعلوم أن إسماعيل وأمه هما اللذان كانا بمكة دون إسحاق وأمه" وقد أجيب عن هذا بقول سعيد بن جبير: أري إبراهيم ذبح إسحاق في المنام فسار به من بيت المقدس مسيرة شهر في غدوة واحدة حتى أتى به المنحر بمنى، فلما صرف الله عنه الذبح وأمره أن يذبح الكبش فذبحه وسار به مسيرة شهر في روحة واحدة على البراق، ويؤيده ما رواه الإمام أحمد بسند صحيح عن ابن عباس، قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إن

<<  <  ج: ص:  >  >>