وفي الفتح استشكل بأنه ما أنمحى من جميع البلاد وأجيب بحمله على الأغلب أو على جزيرة العرب أو أنه يمحي بسببه أولا فأولا إلى أن يضمحل في زمان عيسى فإنه يرفع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام، وتعقب بأن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس، ويجلب بجواز أن يرتد بعضهم بعد موت عيسى، وترسل الريح فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة فحينئذ فلا يبقى إلا الشرار، "وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي"، أي على أثري، أي أنه يحشر قبل الناس، ويرجحه رواية نافع بن جبير بعثت مع الساعة أو المراد بالقدم الزمان، أي وقت قيامي على قدمي بظهور علامات الحشر إشارة إلى أنه لا نبي بعده ولا شريعة واستشكل التفسير باقتضائه أنه محشور، فكيف يفسر به حاشر اسم فاعل وأجيب بأن إسناد الفعل إلى الفاعل إضافة، وهي تصح بأدنى ملابسة. فلما كان لا أمة بعد أمته؛ لأنه لا نبي بعده نسب الحشر إليه لوقوعه عقبه أو معناه أول من يحشر كحديث: "أنا أول من تنشق الأرض عنه أو على مشاهدتي قائما لله شاهدا على الأمم" وقيل: معنى القدم السبب "وأنا العاقب". زاد يونس في روايته عن الزهري الذي ليس بعده نبي، وقد سماه الله رءوفا رحيما. قال البيهقي: وقد سماه مدرج من قول الزهري قال الحافظ: وهو كما قال وكأنه أشار إلى ما في آخر سورة براءة وأما قوله: "الذي ليس بعده نبي" فظاهره الإدراج أيضا. لكن في رواية ابن عيينة عند الترمذي وغيره بلفظ "الذي ليس بعدي نبي" انتهى. وجزم السيوطي على الموطأ، بأنه مدرج من تفسير الزهري لرواية الطبراني، الحديث من طريق معمر إلى قوله: "وأنا العاقب" قال معمر: قلت للزهري: ما العاقب، قال: الذي ليس بعده نبي وقال أبو عبيدة قال سفيان: العاقب آخر الأنبياء انتهى. ولا ينافيه رواية بعدي بياء المتكلم؛ لأنها قد ترد على لسان المفسر حكاية عن لسان من فسر كلامه، إذا قوى تفسيره عنده عنده حتى كأنه نطق به وفي رواية نافع بن جبير فإنه عقب الأنبياء. قال الحافظ: وهو محتمل للرفع والوقف انتهى. وما يقع في نسخ وأنا العاقب فلا نبي بعدي وهم إذ ليس في رواية من عزي له بقوة "رواه الشيخان البخاري بهذا اللفظ في التفسير وبلفظ "لي خمسة أسماء" إلخ في المناقب ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم. "وقد روى على قدمي" بكسر الميم، وبتخفيف الياء بالإفراد وبالتشديد للياء مع فتح الميم "على التثنية".