أكنيه حين أناديه لأكرمه ... ولا ألقبه والسوأة اللقبا ولقد بلغني أن سبب الكنى في العرب أنه كان لهم ملك من الأول ولد له ولد توسم فيه النجابة فشغف به، فلما نشأ وصلح لأدب الملوك أحب أن يفرد له موضعا بعيدا عن العمارة يقيم فيه ويتخلق بأخلاق مؤدبيه، ولا يعاشر من يضيع عليه بعض زمانه، فبنى له في البرية منزلا، ونقله إليه ورتب له من يؤدبه بأنواع الآداب العلمية والملكية وأقام له حاجته من الدنيا، وأضاف له من أقرانه بني عمه وغيرهم ليؤنسوه ويحببوا له الأدب بالموافقة، وكان الملك كل سنة يمضي له ومعه من له عنده ولد، فيسأل عنهم ابن الملك، فيقال له هذا، أبو فلان وهذا أبو فلان للصبيان الذين عنده فيعرفهم بإضافتهم إلى أبنائه فظهرت الكني في العرب انتهى. "المشهورة" ولذا بدأ بهما "أبو القاسم" باسم أكبر أولاده عند الجمهور. وقال العزفي وغيره؛ لأنه يقسم الجنة بين أهلها يوم القيامة، وقيل لقوله عليه السلام: "إني جعلت قاسما أقسم بينكم". "كما جاء" تكنيته بأبي القاسم "في عدة أحاديث صحيحة" كقول أبي هريرة في الصحيح: قال أبو القاسم: وقال أنس: كان صلى الله عليه وسلم في السواق، فقال رجل يا أبا القاسم، فالتفت صلى الله عليه وسلم، فقال: إني لم أعنك إنما دعوت فلانا، فقال: "سموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي" رواه الشيخان، وظاهره المنع، وهو المشهور عن الشافعي مطلقا، وقيل يختص بمن اسمه محمد لحديث نهى أن يجمع بين اسمه وكنيته، ومذهب مالك، وأكثر العلماء، كما قال عياض في شرح مسلم. الجواز مطلقا والنهي مختص بزمانه لإذنه صلى الله عليه وسلم لجماعة أن يسموا من يولد لهم بعده محمدا ويكنوه بأبي القاسم وبسط ذلك في الخصائص إن شاء الله تعالى. "ويكني بأبي إبراهيم" باسم آخر أولاده، "كما جاء في حديث أنس" عند البيهقي "في مجيء جبريل إليه عليهما الصلاة والسلام" لما وقع في نفسه من تردد "مابور" الغلام الذي أهدي مع مارية عليها، فبعث عليًّا ليقتله فوجده ممسوحا، فرجع، فأخبره صلى الله عليه وسلم، فقال: "الحمد لله الذي صرف عنا أهل البيت"، "وقوله السلام عليك يا أبا إبراهيم" لفظ البيهقي وابن الجوزي عن أنس، لما ولد إبراهيم من مارية كاد يقع في نفس النبي منه حتى أتاه جبريل، فقال: السلام عليك يا أبا إبراهيم وعند