قال ابن دحية وخاصتها أنها لدفع المكاره والشدائد والرحمة لطلب المحاب، ولهذا قدمت الرأفة عليها، وقال غيره الفرق بينهما أن الرأفة إحسان مبدأه شفقة المحسن، والرحمة إحسان مبدأه فاقه المحسن إليه "والرحيم فعيل من الرحمة" وهي في الكلام العرب العطف والإشفاق، وهو صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق، وأعطفهم وأشفقهم وأرقهم قلبا، "وقيل" في معنى الآية "رءوف بالمطيعين رحيم بالمذنبين" يستغفر لهم ويتجاوز عن سيئاتهم إلا في الحدود ومع إقامتها عليهم يمنع من أذاهم، ثم هو في قبره تعرض عليه أعمال أمته ويستغفر لهم، ثم هو يوم القيامة همه كله أمته فيشفع فيهم حتى لا يبقى منهم أحد في النار، وهذان مما سماه الله به من أسمائه الحسنى، لكنها بهذا المعنى محال عليه فيؤول باللازم، وهو إرادة الخير لأهله وإعطاء ما لا يستحقه العبد من الثواب ودفع ما يستوجبه من العقاب، "وأما الحق المبين فقال الله تعالى: {حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ} مظهر لهم الأحكام الشرعية، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى: {وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِير} ، المحذر من عذاب الله أن ينزل عليكم {الْمُبِين} لكم أمور دينكم أو البين الإنذار، وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} وقال تعالى: {فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} من الله. "قيل المراد" بالحق في الآيات "محمد عليه الصلاة والسلام" كما قال تعالى {وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} وفي حديث الشفاعة ومحمد حق وتكذيبه بتكذيب رسالته وما جاءته "وقيل" المراد به القرآن بدليل التكذيب، "ومعناه هنا ضد الباطل"، من حق بمعنى ثبت "والمتحقق" بفتح القاف وكسرها كما في النسيم أي الثابت "صدقه، وأمره" شأنه وما يجب ثبوته له وما يستحيل عليه مما هو معلوم في صفات النبوة تفسير، لما قبله أو معنى آخر. وفي البيضاوي الحق الثابت الذي لا يسوغ إنكاره فعم الأعيان والأفعال الصائبة والأقوال الصادقة من قولهم حق الأمر إذا ثبت ومنه ثوب محقق محكم النسج.