للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخرة، والقلوب والأسماع والأبصار والإبصار.

وقد يكون المراد: المبدأ المقدم في الأنبياء، والخاتم لهم، كما قال عليه الصلاة والسلام: كنت أول النبيين في الخق وآخرهم في البعث.

وأما "الرءوف الرحيم" ففي القرءان {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨] .


ومنعهم من التعدي والظلم "والآخرة" فإنه فتح به البعث وباب الجنة والشفاعة والجواز على الصراط، "والقلوب والأسماع والأبصار" بفتح الهمزة جمع بصر نور العيون، "والإبصار" بكسرها مفرد بصائر نور القلوب، أي النظر في الأمور بالمعرفة التامة والمقام مقام خطابه، فلا يعاب فيها الإطناب، أو أراد بفتح الأعين والآذان أولا ما يمنع المشاهدة، ووصول الصوت، وبفتح القلوب إزالة الغلاف عنها، وكني بذلك عن زوال الكفر، وأراد بفتح الثلاثة ثانيا خلق قوة فيها بعد زوال الكفر بحيث صاروا يشاهدون المعقولات، كأنها صور محسوسة، ثم هذا كله بيان للفاتح، "وقد يكون المراد" به "المبدأ" بضم الميم وفتح الموحدة، وشد الدال المهملة، وهمزة، كما ضبطه البرهان في المقتفى، فيكون "المقدم" تفسيرا له.
وقال غيره إن كان رواية وإلا فيجوز فتح الميم وسكون الموحدة وخفة الدار بمعنى أول "في الأنبياء والخاتم لهم كما، قال عليه الصلاة والسلام" فيما رواه ابن سعد وغيره "كنت أول النبيين في الخلق" لخلق نوره قبلهم، "وآخرهم في البعث" باعتبار الزمان، ثم لا يشكل عليه أنه لا اختصاص لما ذكره غير الأخير به؛ لأن وقوعه منه على أتم وجه، لا يشاركون فيه غيره على أنه لم يقل، لا بد في أسمائه من اختصاص معانيها به وذكر عياض أن الفاتح هنا الحاكم، أو لأبواب الرحمة على أمته، أو لبصائرهم لمعرفة الحق والإيمان، أو المبتدئ بهداية الأمة، أو المبدأ المقدم في الأنبياء.
قال السيوطي، أو لأنه فتح الرسل؛ لأنه أولهم خلقا، أو فاتح الشفعاء بقرينة اقترانه باسم الخاتم انتهى، وهذه المعاني كلها مجتمعة فيه صلى الله عليه وسلم ولذا ساق غالبها المصنف بالواو والمشركة، "وأما الرءوف الرحيم ففي القرآن" العظيم "لقد جاءكم رسول من أنفسكم" أي منك، وروى ابن مردويه عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم قرأها بفتح الفاء، وقال: "أنا أنفسكم نسبا وصهرا وحسبا"، "عزيز" شديد "عليه ما عنتم" عنتكم، أي مشقتكم ولقاؤكم المكروه "حريص عليكم" أن تهتدوا "بالمؤمنين رءوف" شديد الرحمة "رحيم" يريد لهم الخير، وهو "فعول من الرأفة، وهي" لغة "أرق من الرحمة" إذ هي رقة القلب والرأفة شدة الرحمة، وأبلغها، "قاله أبو عبيدة" معمر بن المثنى

<<  <  ج: ص:  >  >>