قال المصنف: وحاصله أن النساء يدخلن في جميع المذكر السالم تغليبا، لكن صح عن عائشة أنها قالت أنا أم رجالكم لا أم نسائكم. قال ابن كثير: وهذا أصح الوجهين انتهى، فعلم من هذا إنهما قولان مرجحان. "قال" البغوي: "وكان صلى الله عليه وسلم أبا الرجال والنساء" أي كالأب في الشفقة عليهم واحترامهم له، فلا ينافي قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: ٤٠] ، كما بين ذلك بقوله: "ويجوز أن يقال أبو المؤمنين في الحرمة" وفي حرف أبي، وهو أب لهم، وخص المؤمنين بالذكر لئلا يرد أنه كالأب للنساء، لجواز نكاحه منهن، ولو قال أبا للرجال والنساء في الاحترام والتعظيم كان أوضح، "وفضلت زوجاته عليه الصلاة والسلام على" سائر "النساء". قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} الآية، وهذه عبارة الروضة وعبارة القاضي حسين نساؤه أفضل نساء العالمين، وعبارة المتولي خير نساء هذه الأمة وعبارة الروضة تحتملهما، ويلزم من كونهن خير نساء هذه الأمة أن يكن خير نساء الأمم؛ لأن هذه الأمة خير الأمم، والتفضيل على الأفضل تفضيل على من هو دونه إلا أنه لا يلزم من تفضيل الجملة على الجملة تفضيل كل فرد على كل فرد، وقد قيل بنبوة مريم وآسية وأم موسى، فإن ثبت خصت من العموم. ذكره التقي السبكي في الحلبيات زاد غيره وحواء وهاجر، "وثوابهن وعقابهن مضاعفان" كما أنزل الله في القرآن، أي مثلي ثواب غيرهن من النساء ومثلي عذابه، كما جزم به البغوي وغيره، وهو ظاهر اللفظ وعمومه شامل لجميع الطاعات والمعاصي، فثوابهن على نحو الصلاة مضاعف بالنسبة لغيرهن، وعقابهن على المعاصي، وإن قلت كذلك خلافا لا يوهمه البيضاوي، "ولا يحل سؤالهن إلا من وراء حجاب،" أي ستر. قال عياض فلا يجوز إظهار شخوصهن وإن كن مستترات، إلا ما دعت إليه ضرورة من براز، ورده الحافظ بأنهن كن بعده صلى الله عليه وسلم يحججن ويطفن، وسمع الصحابة ومن بعدهم الحديث: منهن مستترات الأبدان لا الأشخاص انتهى. ويمكن أن ذلك من جملة الضرورة، وأن قوله من براز أي مثلا فلا يرد عليه ذلك،