روى الإمام أحمد بسند جيد والطبراني برجال ثقات، عن عائشة وابن سعد والبيهقي بسند حسن من مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن بن حاطب، ووصله ابن أبي عاصم أن خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ألا تتزوج؟ قال: "من"؟، قالت: إن شئت بكرا، وإن شئت ثيبا، أما البكر فابنة أحب الخلق إليك عائشة وأما الثيب فسودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك، قال: "اذهبي فاذكريهما علي" الحديث، وفيه فذهبت إلى سودة، فقلت: ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة؟ قالت: وما ذاك؟ قلت: "إن رسول الله أرسلني إليك لأخطبك عليه"، قالت: وددت ذلك لكن ادخلي على أبي فاذكري له ذلك، وكان شيخا كبيرا قد جلس على المواسم، فحييه بتحية الجاهلية، فقلت: أنعم صباحا، فقال: ومن أنت؟ فقلت: خولة، فرحب بي، وقال ما شاء أن يقول: فقلت: إن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر ابنتك، قال: هو كفء كريم، فما تقول صاحبتك؟ قلت: تحب ذلك، قال: فقولي له فليأت، فجاء صلى الله عليه وسلم فملكها وقدم عبد الله بن زمعة، فوجد أخته قد تزوجها رسول الله فحثا التراب على رأسه، فلما أسلم كان يجد في نفسه من ذلك شيئا ويقول: إني لسفيه يوم أحثوا التراب على رأسي أن تزوج صلى الله عليه وسلم أختي، وأفاد الحديث أن أباها هو الذي زوجها للمصطفى، وقال ابن إسحاق: زوجه إياها سليط بن عمرو، ويقال أبو حاطب بن عمرو، وتعقبه ابن هشام، بأن ابن إسحاق نفسه يخالف هذا؛ لأنه ذكر أنهما كانا غائبين بالحبشة في هذا الوقت، "ولما كبرت سودة" بكسر الباء مضارعه بالفتح لا غير، أي أسنت وبضمها فيهما في الأجسام والمعاني، وكلاهما في القرآن أنشدنا شيخنا بالمجلس عن شيخه العلامة عبد الله الدنوشري لنفسه: كبرت بكسر الباء في السن وارد ... مضارعه بالفتح لا غير يا صاح وفي الجسم والمعنى كبرت بضمها ... مضارعه بالضم جاء بإيضاح قال: وقوله وارد هو المناسب لقوله جاء بإيضاح، وهو الذي سمعته من لفظه "أراد النبي صلى الله عليه وسلم طلاقها، فسألته أن لا يفعل، وجعلت يومها لعائشة فأمسكها" كما رواه ابن عبد البر