روى الشيخان واللفظ لمسلم عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعكن لحاقا بي، أطولكن يدا، فكن يتطاولن أيهن أطول يدا، قالت: وكانت أطولنا يدا زينب؛ لأنها كانت تعمل بيديها وتتصدق. وفي رواية قالت عائشة، فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الجدار، نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة ولم تكن بأطولنا، فعرفنا حينئذ أنه صلى الله عليه وسلم إنما أراد طول اليد بالصدقة، وكانت زينب صناع اليدين، فكانت تدبع وتخرز وتتصدق به في سبل الله، وصناع بفتح الصاد المهملة، أي لها صنعة تعملها بيديها، "وقالت عائشة في شأنها" كانت زينب هي التي تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في المنزلة عنده، "ولم تكن امرأة" وفي رواية وما رأيت امرأة قط "خيرا منها في الدين" فعلى الرواية الثانية تحمل الأولى، فلا ترد خديجة، لأنها لم ترها، وعائشة؛ لأنها لا تزكي نفسها في مقام الثناء على غيرها وإن ذكرت فضائلها تحدثا بالنعمة كما مر في ترجمتها ثم المراد من أمهات المؤمنين فلا ترد السيدة فاطمة فإن عائشة نفسها صح عنها قولها: ما رأيت أحدا قط أفضل من فاطمة غير أبيها، كما مر "وأتقى الله وأصدق حديثا" ومن ذلك حلفها في حديث الإفك بأنها ما علمت إلا خيرا مع كونها ضرتها وعلمها بأنها أحب إليه منها، فلم تأخذها الغيرة على السكوت وعلى الإخبار بنفي العلم فقط، بل حصرت العلم في الخيرة ثم لم تكتف بذلك حتى أقسمت عليه قبل ذكره "وأوصل للرحم وأعظم صدقه". روى ابن سعد وابن الجوزي عن برزة بنت رافع قالت: لما خرج العطاء أرسل عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها فلما أدخل عليها، قالت: غفر الله لعمر غيري من إخواني كان أقوى على قسم هذا مني قالوا: هذا كله لك، قالت: سبحان الله، واستترت منه بثوب، وقالت: صبوه واطرحوه عليه ثوبا، ثم قالت: أدخلي يدك وأقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان،