للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنكحها النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فلما رجع بنى بها بسرف، ذكره أبو عمر.

وفي الصحيح من أفراد مسلم، عنها


وفي رواية ابن أبي خيثمة عن ابن عباس أنها جعلته إلى أم الفضل، فردته أم الفضل إلى العباس، "فأنكحها النبي صلى الله عليه وسلم" واقتصر ابن إسحاق على الرواية الأولى، ولم يحفظها ابن هشام، وحفظ الثانية، فتعقبه بها، مع أنهما روايتان مسندتان عن ابن عباس، كما رأيت ولا معارضة بينهما؛ لأنها جعلته لأختها، لتفوضه لزوجها، فنسبه ابن عباس لأمه، باعتبار الابتداء، ولأبيه لانتهاء الأمر إليه، ويقربه أن المخدرات يستحين من ذكر النكاح، ففوضته لأختها، لتفوضه لزوجها، "وهو محرم" جزم به ابن عباس في هذه الرواية، وقد رواه عنه مالك والأئمة الستة أيضا، وزاد في رواية للبخاري في عمرة القضاء، وبه احتج الحنفية وموافقوهم على جواز نكاح المحرم، وإنكاحه غيره، وأجاب الجمهور بأن قول ابن عباس وهم وإن كانت خالته، كما قاله ابن المسيب.
قال ابن عبد البر: الرواية أنه تزوجها وهو حلال، متواترة عن ميمونة نفسها، وعن أبي رافع وسليمان بن يسار مولاها، ويزيد بن الأصم ابن أختها، وهو قول جمهور علماء المدينة، وما أعلم أحدا من الصحابة، روى أنه تزوجها وهو محرم سوى ابن عباس، والقلب إلى رواية الجماعة أميل؛ لأن الواحد إلى الغلط أقرب انتهى، وسبقه إلى نحوه الإمام الشافعي، كما سلف ي عمرة القضية لكن في دعوى انفراد ابن عباس به تقصير، فقد روى البزار عن عائشة نحوه، وكذا الدارقطني بسند ضعيف عن أبي هريرة: اللهم إلا أن يكون نفي العلم بقيد الصحة، وعلى أنه ليس بوهم، فمن خصائصه عند الجمهور النكاح حال الإحرام، فلا يعارض قوله صلى الله عليه وسلم المحرم: "لا يَنْكِح ولا يُنْكَح"، رواه مسلم، وقيل هو مؤول كما يأتي، "فلما رجع بنى بها بسرف" بفتح المهملة، وكسر الراء، وبالفاء بعد ما أقام بمكة ثلاثا، فأتاه حويطب بن عبد العزى، وسهيل بن عمرو، وأسلما بعد في نفر من قريش في اليوم الثالث، فقالوا له: قد انقضى أجلك فاخرج عنا، فقال: وما عليكم لو تركتموني فاعرست بين أظهركم، وصنعت لكم طعاما، فحضرتموه، فقالوا: لا حاجة لنا بك ولا بطعامك، فغضب سعد بن عبادة، وقال لسهيل: كذبت لا أم لك، ليست بأرضك، ولا أرض أبيك، والله لا يبرح إلا طائعا راضيا، فتبسم صلى الله عليه وسلم، وقال: "يا سعد لا تؤذ قومنا، زارونا في رحالنا" فخرج وخلف أبا رافع على ميمونة، فأقام حتى أمسى، فخرج بها، فلقيت من سفهاء مكة عناء، فأتاه بها بسرف، كما أورده ابن إسحاق والواقدي.
وروى بعضه ابن أبي خيثمة عن ابن عباس، "ذكره أبو عمر" بن عبد البر، الحافظ الشهير تلخيصا للمروي عن ابن عباس، وإن لم يقل أبو عمر به كما رأيت.
"وفي" الحديث "الصحيح من أفراد مسلم" أي مما انفرد به عن البخاري "عنها" أي

<<  <  ج: ص:  >  >>