ولا خلاف بين روايتي البخاري، فإنه نسبها في الأولى إلى جدها، وفي الثانية إلى أبيها نبه على ذلك في فتح الباري، وقال: إن قوله في بيت بالتنوين وأميمة بالرفع بدل من ضمير، فأنزلت أو عطف بيان، وظن بعض الشراح أنه بالإضافة فقال في رواية أميمة بنت شراحيل لعل التي نزلت في بيتها بنت أخيها، وهو مردود فإن مخرج الطريقين واحد، وإنما جاء الوهم من إعادة لفظ في بيت، وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه، فقال: فأنزلت في بيت في النخل أميمة إلى آخره، انتهى. ولم يتنبه لذلك الشامي، فظنهما امرأتين لهاتين الروايتين وادعى أنه أغرب في الإصابة، فزعم أنهما واحدة، ولم يذكر لذلك مستندا، وحديث أبي أسيد، يرد عليه، فكيف يكونان واحدة انتهى، وقد علمت أنه ذكر مستنده في الفتح نصا، وفي الإصابة إشارة بجعله حديثا واحد الاتحاد، مخرج طريقيه بقوله، وأخرجه موصولا قبله من وجه آخر، وعذر الشامي أنه لم يراجع الفتح هنا، ولم يتنبه لإشارته في الإصابة لخفائها عليه، فأخذ كلا من الحديثين على ظاهره، فخرج له منهما امرأتان، وما هو بأبي عذرة، ذلك فقد سبقه إليه بعض شراح البخاري، فوهم كما رأيت، والعيني مع كثرة تعسفه على ابن حجر سلم له هنا وتبعه. "الخامسة مليكة بنت كعب الليثية" الكنانية، "قال بعضهم هي التي استعاذت منه" رواه الواقدي عن أبي معشر، أنه صلى الله عليه وسلم تزوج بها، وكانت تذكر بجمال بارع فدخلت عليها عائشة، فقالت لها: أما تستحيي أن تنكحي قاتل أبيك، وكان أبوها قتل يوم فتح، قتله خالد ن الوليد، فاستعاذت منه صلى الله عليه وسلم فطلقها، فجاء قومها فسألوه أن يرتجعها، واعتذروا عنها بالصغر، وضعف الرأي وأنها خدعت فأبى، فاستأذنوه أن يزوجوها قريبا لها من بني عذرة، فأذن لهم، "وقيل دخل بها" في شهر رمضان أي وطئها "وماتت عنده" رواه الواقدي عن عطاء بن يزيد الجندعي، "والأول أصح، ومنهم من ينكر تزويجه بها أصلا". قال الواقدي: بعدما ذكر هذين القولين أصحابنا ينكرون هذا، ويقولون لم يتزوج كنانية قط انتهى. وذكر ابن حبيب في أزواجه اللاتي لم يبن بهن مليكة بنت داود، نقله ابن الأثير،