للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبيض، له ضفيرتان معتدلا، وقيل كان طوالا، وولد قبل الفيل بثلاث سنين، وكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين أو ثلاث، وكان رأسا في قريش، وإليه عمارة المسجد الحرام.

وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم العقبة يعقد له البيعة على الأنصاري،


وسيما" حسن الوجه، فهو صفة لازمة "أبيض له ضفيرتان" بالمعجمة عقيصتان "معتدلا" في القامة لا بالطول، ولا بالقصير "وقيل كان طوالا" بضم الطاء، أي طويلا.
روى ابن أبي عاصم، وأبو عمر عن جابر أن الأنصار لما أرادوا أن يكسوا العباس حين أسر يوم بدر، لم يصلح إلا قميص عبد الله بن أبي، فكساه إياه، فلما مات عبد الله ألبسه صلى الله عليه وسلم ثوبه، وتفل عليه من ريقه.
قال سفيان: فظني أنه مكافأة للعباس، أي لإلباسه العباس، فكأنه توفية حق دنيوي، ثبت له، فلا يرد أنه كيف يفعل ذلك معه مع علمه بكفره ونفاقه، ولعله أراد تخفيف عذاب غير الكفر جزاء لذلك ما دام عليه القميص، وتقدم مزيد لذلك في هلاكه، "وولد" العباس "قبل الفيل بثلاث سنين، وكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين" وبه جزم في الإصابة، "أو ثلاث" هذا الموافق لولادته قبل الفيل بثلاثة، ومن لطائف الأدب ما رواه ابن أبي عاصم، عن أبي رزين والبغوي في معجمه عن ابن عمر، أنه قيل للعباس: أنت أكبر، أو النبي صلى الله عليه وسلم، قال هو أكبر مني وأنا ولدت قبله، "وكان رأس في قريش" مقدما فيهم؛ لأنه كان ذا رأي حسن جوادا مطعما، وصولا للرحم، "و" كان موكلا "إليه عمارة المسجد الحرام" فكان لا يدع أحدا يسب فيه، ولا يقول فيه هجرا، وكانت قريش قد اجتمعت وتعاقدت على ذلك فكانوا له هونا، وأسلموا ذلك إليه، كما في الشامية ووقع في الإصابة، وكان إليه في الجاهلية السفارة والعمارة، فإن لم يكن مصحفا من السقاية، فلينظر ما هو، "وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم العقبة" الثالثة قبل إسلامة، "يعقد له البيعة على الأنصاري" السبعين الذي اجتمعوا رضي الله عنهم، فأخذ المصطفى العباس معه، "وكان عليه الصلاة والسلام يثق به في أمره كله" فكان أول من تكلم العباس، وهو أخذ بيده صلى الله عليه وسلم، فقال: إن محمدا منا حيث قد علمتم، وقد منعاه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو وفي عز من قومه ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له، ومانعوه وممن خالفه، فأنتم وما تحملتم، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه، وخاذلوه بعد الخروج، فمن الآن فدعوه، فإنه في عزة ومنعة من قومه وبلده، فقالوا: قد سمعنا ما قلت، أما والله لو كان في أنفسنا غير ما تنطق به لقلنا فتكلم يا رسول الله فجذ لنفسك ولربك ما أحببت الحديث، رواه ابن إسحاق وغيره، ولذا دعا له صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم إن عمي العباس حاطني بمكة من

<<  <  ج: ص:  >  >>