للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عليه السلام يثق به في أمره كله. ولما شدوا وثاقه في أسري بدر سهر عليه الصلاة والسلام تلك الليلة، فقيل: ما يسهرك يا رسول الله؟ قال: "لأنين العباس"، فقام رجل فأرخى من وثاقه، وفعل ذلك بالأسري كلهم، رواه أبو عمر، وصاحب الصفوة.

وقيل: كان يكتم إسلامه وخرجمع المشركين يوم بدر فقال صلى الله عليه وسلم: "من لقي العباس فلا يقتله فإنه خرج مستكرها"، فأسره كعب بن عمرو، ففادى نفسه ورجع إلى مكة.

وقيل: إنه أسلم يوم بدر


أهل الشرك، وأخذ لي على الأنصار، وأجارني في الإسلام مؤمنا بالله مصدقا بي، اللهم احفظه وحطه واحفظه ذريته من كل مكروه" رواه ابن عساكر من مرسل محمد بن إبراهيم التيمي، وكان المراد بإجارته في الإسلام ثباته يوم حنين ومسكه البغلة، فهذا الدعاء وقع يومئذ أو بعده "ولما شدوا وثاقه في أسرى بدر" شده عمر رجاء إسلامه، "سهر عليه الصلاة والسلام تلك الليلة، فقيل: ما يسهرك يا رسول الله، قال: "سهرت لانين العباس" فهو بكسر اللام والجر، ولكن المذكور في رواية من عزا له المصنف، قال: "أنين العباس" فالواجب حذف اللام لأنه فاعل لفعل مقدر، أي أسهرني "فقام رجل، فأرخى من وثاقه" وفي رواية ابن عائذ لما ولي عمر وثاق الأسرى شد وثاق العباس، فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يئن فلم يأخذه النوم فبلغ الأنصار، فأطلقوه، فيحتمل أن الرجل لما أرخى بعض وثاقه لم يرك الأنين، فأطلقه الأنصار بالمرة طلبا لرضاه صلى الله عليه وسلم، و" فعل ذلك بالأسرى كلهم" رعاية للعدل ومحافظة على الإحسان المأمور به في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: ٩٠] وذلك بأمر المصطفى ففي نفس رواية من عزا له المصنف، فأرخى من وثاقه شيئا، قال صلى الله عليه وسلم: "فافعل ذلك بالأسرى كلهم"، "رواه أبو عمر" ابن عبد البر، "وصاحب الصفوة" أبو الفرج بن الجوزي من مرسل وسويد بن الأصم، ففي هذه القصة أنه حضر بدرا على دين قومه لأسره، وأخذ الفداء منه، "وقيل" بل أسلم قبل بدر، ولكنه "كان يكتم إسلامه" لأنه كان يهاب قومه، ويكره خلافهم، وكان ذا مال قاله مولاه أبو رافع، كما رواه ابن إسحاق، ولم يذكر مبدأه، "وخرج مع المشركين يوم بدر، فقال صلى الله عليه وسلم: "من لقي العباس فلا يقتله، فإنه خرج مستكرها"، بسين التأكيد أو زائدة، "فاسره كعب بن عمرو" بفتح العين أبو اليسر بفتحتين الأنصاري، "ففادى نفسه" وابني أخويه عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث بأمره صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن إسحاق بسند حسن "ورجع إلى مكة" فأقام بها على سقايته والمصطفى عنه راض، "وقيل إنه أسلم يوم بدر" لما قال للمصطفى حين أمره بالفداء تتركني

<<  <  ج: ص:  >  >>