قال العلماء: وكان سبب ذلك تنقيص بني أمية له، فكان كل من كان عنده شيء من مناقبه من الصحابة، يبثه، وكلما أرادوا إخماده وهددوا من حديث من حدث بمناقبه لا تزاد إلا انتشارا، "وأقام في الخلافة" لما بايعه المهاجرون والأنصار وكل من حضر، وكتب ببيعته إلى الآفاق، فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام، وكان بينهم بعدما كان "أربع سنين وتسعة عشر أشهر وثمانية أيام" وقاتل فيها البغاة والخوارج، كما عهد إليه صلى الله عليه وسلم فروى أبو يعلى بسند جيد عنه: عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله" فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله، قال: لا، قال عمر: أنا هو يا رسول الله، قال: لا ولكنه خاصف النعل، وكان أعطى على نعله يخصفها. رواه أبو يعلى برجال الصحيح، قال في الإصابة وكان رأي علي أنهم يدخلون في الطاعة، ثم يقوم ولي دم عثمان فيدعى به عنده ثم يعمل معهم ما يوجبه حكم الشرع، وكان من خالفه يقول له: تتبعهم وأقتلهم، فيرى علي أن القصاص بغير دعوى، ولا إقامة بينة لا يتجه، وكل من الفريقين مجتهد، ومن الصحابة فريق لم يدخلوا في القتال وظهر بقتل عمار أن الصواب كان مع علي، واتفق على ذلك أهل السنة بعد اختلاف كان في القديم انتهى، "وتوفي" ولم يكن يومئذ على وجه الأرض أفضل منه "شهيدا" مقتولا ظلما "على يد" أشقى الآخرين "عبد الرحمن بن ملجم" بضم الميم، وإسكان اللام وفتح الجيم، كما قيده غير واحد منهم النووي والإسنوي، وعن الإقناع كسرها وذلك أن ثلاثة من الخوارج تعاهدوا بمكة على قتل علي، ومعاوية، وعمرو بن العاص في ليلة واحدة ليلة سبع عشرة من رمضان وقيل ليلة عشر، وقيل إحدى وعشرين، فقال ابن ملجم: المرادي أنا لكم سبع عشرة، من رمضان وقيل ليلة عشرة، وقيل إحدى وعشرين، فقال ابن ملجم: المرادي أنا لكم بعلي، وقال البراك بن عبد الله التميمي: أنا لكم بمعاوية، وقال عمرو بن بكير التميمي: أنا لكم بعمرو ثم توجه كل إلى المصر الذي فيه صاحبه، فأتى ابن ملجم الكوفة، واختفى وتزوج امرأة من الخوارج كان علي قتل أباها، فشرطت عليه في صداقها، ثلاث آلاف درهم وعبدا وقينة، وقتل علي، فلما كانت ليلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة أربعين من الهجرة، خرج علي للصبح إلى المسجد فضربه ابن ملجم بسيف مسموم في جبهته، فأوصله إلى دماغه، فقال علي: فزت ورب الكعبة، وعند أبي داود أنه رأى تلك الليلة النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك، فقال صلى الله عليه وسلم: ادع عليهم، فقال: اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم، وأبدلهم بي من هو شر مني، فمسكوا