وروى أحمد بسند حسن عن ابن مسعود قصة بعث قريش عمرو بن العاص، وعمارة بن الوليد إلى النجاشي, ليرد أهل الهجرة إليهم, وفيها قول النجاشي: أنا أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي بشر به عيسى في الإنجيل، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته، فأكون أنا الذي أحمل نعليه، وأوضئه، وإن ابن مسعود تعجّل، فشهد بدرًا، وقد أسلفت لفظ الحديث ثمة، فهو صريح في إسلامه قبل بعث الكتاب سنة ست، فيحتمل أنه أسلم، وكتمه عن قومه حتى بعث إليه الكتاب، فأعلن بالإيمان والعلم لله، "وقد بعثت إليك بابني" اسمه أرخى، كما في مغازي التيمي، أو أريخا، كما في دلائل البيهقي عن ابن إسحاق ذكره الإصابة, ودخول الباء على ما يصل بنفسه قليل, وأكثر اللغيين على تعدية بعث فيما يصل بنفسه، كزيد, وبالباء فيما لا يصل كالكتاب، كما قال أبو حيان، "وإن شئت أتيتك بنفسي" في موضع المفعول لشئت، أي: إتياني وجواب الشرط قوله، "فعلت، فإني أشهد أن ما تقوله حق، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته"، كرر السلام، وجعله ختام الكتاب زيادةً في الشوق والتماس الثواب. وذكر ابن سعد أنه -صلى الله عليه وسلم- بعث إليه مع عمرو بن أمية بكتابين, يدعوه في أحدهما إلى الإسلام، والثاني أن يزوّجه أم حبيبة، وأن يبعث إليه مَن عنده من أصحابه، ويحملهم، فأسلم، وفعل ما أمر به، ودعا بحق عاج، فجعل فيه الكتابين، وقال: لن تزال الحبشة بخير ما كان هذان الكتابان بين أظهرها، وجهَّزهم في سفينتين, في إحداهما جعفر ومن معه، "ثم إنه أرسل ابنه" في