قاله في الإصابة, "فقرأ عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن, سورة يس إلى آخرها"، بدل كل من كل, بناءً على المختار أن القرآن باللام للقدر المشترك بين جميعه وبعضه، وقيل: المعرَّف لجميعه، فهو بدل بعض من كل، "فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا، وقالوا: ما أشبه" ما أشد شبه "هذا بما كان ينزل على عيسى -عليه الصلاة والسلام"، لما علموه حين سمعوا القرآن من الأخبار عن عيسى ورسله والبعث, وغير ذلك من الآيات العجيبة، "وفيهم"، كما رواه ابن أبي حاتم وغيره، "أنزل الله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ} أي الناس {مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} إلى آخر الآية؛ لأنهم كانوا من أصحاب الصوامع، والتي بعدها ثناء عليهم أيضًا، ولنزولها فيمن أسلم منهم غير الأسلوب، فلم يقل النصارى، كما قال: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} ، فمن بقي على نصرانيته لا يوصف بأنه قريب للمؤمنين، فضلًا عن كونه أقرب، لا كما يتوهم الجهلة من الآية، وليس قول قتادة نزلت في ناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة الحق مما جاء به عيسى، فلمَّا بعث محمد -صلى الله عليه وسلم- آمنوا به، وصدَّقوه مقابلًا لهذا، بل هو بمعناه غايته أنه أبهم أهل الكتاب، فيحمل على بيان ابن الزبير عند النسائي، وابن عباس عند الطبراني، وسعيد بن جبير عند ابن أبي حاتم؛ أنها نزلت في أصحاب