للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: والله لأملأنَّها عليك خيلًا ورجالًا، فلمَّا ولَّى, قال -عليه الصلاة والسلام: "اللهم اكفني عامر بن الطفيل".

فلما خرجوا، قال عامر لأربد: ويحك، أينما كنت أمرتك به؟ فقال: والله ما هممت بالذي أمرتني به إلّا دخلت بيني وبينه، أفأضربك بالسيف؟

ولما كانوا ببعض الطريق بعث الله تعالى على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله الله.


فلام مشدَّدة مكسورة, من المخالة، وهي المصادقة، أي: اتخذني خليلًا، وروي بخِفَّة اللام، أي: انفرد لي خاليًا حتى أتحدث معك، قال: "لا، والله حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له"، فقال: يا محمد, خالني، وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به، وأربد لا يصنع شيئًا, ويبست يده على السيف، فلم يستطع سلّه، فقال: يا محمد خالني، قال: "لا, والله حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له"، قال: ما تجعل لي إن أسلمت؟ قال: "لك ما للمسلمين, وعليك ما عليهم"، قال: أتجعل لي الأمر بعدك، قال: "ليس ذلك لك، ولا لقومك, ولكن لك أعنة الخيل"، قال: أنا الآن في أعنة خيل نجد، أتجعل لي الوبر ولك المدر؟ قال: "لا"، فقام عنه "وقال: والله لأملأنَّها،" أي: المدينة "عليك خيلًا" زاد في رواية: جروًا "ورجالًا", زاد في رواية: مردًا, ولأربطنَّ بكل نخلة فرسًا، فقال -صى الله عليه وسلم: "يمنعك الله"، "فلمَّا ولَّى قال -عليه الصلاة والسلام: "اللهم اكفني عامر بن الطفيل"،" زاد في رواية: "بما شئت وابعث له داء يقتله واهد قومه"، "فلمَّا خرجوا، قال عامر لأربد: ويحك, أينما كنت أمرتك به" والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف على نفسي منك، وايم الله, لا أخافك بعد اليوم أبدًا، "فقال" أربد: لا أبا لك, لا تعجل عليّ، "والله ما هممت بالذي أمرتني به إلّا دخلت بيني وبينه" حتى ما أرى غيرك، "أفأضربك بالسيف،" والمعنى: إن الله تعالى منع أربد عن رسوله بإراءته صورة صاحبه بينهما.
قال في الروض: وفي رواية غير ابن إسحاق: إلّا رأيت بيني وبينه سورًا من حديد، وفي رواية: لما أردت سل سيفي، نظرت فإذا فحل من الإبل فأغرفاه بين يديّ يهوي إليَّ، فوالله لو سللته لخفت أن يبلغ رأسي، وجمع بأن ما في الرواية الأولى بعد أن تكر منه الهم، وما في الثانية بعد أن حصل منه هم آخر، وكذا يقال في الثالثة، "ولما كانوا ببعض الطريق" بمكانٍ يقال له: الرقم -بفتح الراء والقاف, موضع بالمدينة، "بعث الله تعالى على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه، فقتله الله،" والمتبادر من ذا السياق قتله سريعًا، ووقع في رواية، فمكث -صلى الله عليه وسلم- يعدعو عليه ثلاثين صباحًا، حتى إذا كان بالرقم بعث الله عليه الطاعون فقتله، والذي يظهر أنها وهم نشأ من دعائه عليه شهرًا، لما قتل أصحابه ببئر معونة، فدخل على روايها حديث في حديث، فخلط قصة

<<  <  ج: ص:  >  >>