للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاحفظوهنَّ وادعوا إليهنَّ من وراءكم".

قال ابن القيم: ففي هذه القصة أن الإيمان بالله مجموع هذه الخصال من القول والعمل، كما على ذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتابعون موتابعوهم كلهم، ذكر ذلك الشافعي في المبسوط، وعلى ذلك ما يقارب مائة دليل من الكتاب والسنة، ولم يعد الحج من هذه الخصال، وقد كان قدومهم في سنة تسع، وهذا أحد ما يحتج به على أنَّ الحج لم يكن فُرِضَ بعد، وأنه إنما فرض في العاشرة، ولو كان فرض لعدَّه من الإيمان كما عَدَّ الصوم والزكاة. انتهى.


قال الحافظ: وإسناده حسن، وتفسير الصحابي أَوْلَى أن يعتمد عليه من غيره؛ لأنه أعلم بالمراد، ومعنى النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية بخصوصها؛ لأنه يسرع إليها الإسكار، فربما يشرب منها من لا يشعر بذلك، ثم ثبتت الرخصة في الانتباذ في كلِّ وعاء مع النهي عن شرب كل مسكر أ. هـ، يعني في صحيح مسلم مرفوعًا: "كنت نهيتكم عن الانتباذ إلّا في الأسقية، فانتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكرًا، فاحفظوهنَّ وادعو إليهنَّ".
وفي رواية: وأخبروا بهنَّ "من" بفتح الميم "وراءكم" يشمل من جاءوا من عندهم، وهو باعتبار المكان، ويشتمل من يحدث لهم من الأولاد وغيرهم، وهذا باعتبار الزمان، فيحتمل إعمالها في المعنيين معًا حقيقة ومجازًا. قاله الحافظ.
"قال ابن القيم: ففي هذه القصة أنَّ الإيمان بالله مجموع هذه الخصال من القول" وهو الشهادتان "والعمل" وهو ما بعدهما، "كما على ذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتابعون، وتابعوهم كلهم" وأرادو بذلك أن الأعمال شرط كمال، وثَمَّ سبعة أقوال أُخَر، فصَّلَها المصنف في شرح البخاري، "ذكر ذلك" الذي بيناه، وفي نسخة كما ذكره "الشافعي في المبسوط، وعلى ذلك ما يقارب مائة دليل من الكتاب والسنة، ولم يعدّ الحج من هذه الخصال، وقد كان قدومهم في سنة تسع" إذ هي سنة الوفود، "وهذا أحد ما يحتج به على أن الحج لم يكن فرض بعد" أي: الآن، "وأنه إنما فرض في العاشرة، ولو كان فرض لعده من الإيمان، كما عدَّ الصوم والزكاة. انتهى" كلام ابن القيم.
قال الحافظ: وأما قول من قال: ترك الحج لكونه على التراخي فليس بجيد؛ لأنه لا يمنع من الأمر به، وكذا من قال لشهرته عندهم ليس بقوي؛ لأنه عند غيرهم ممن ذكره لهم أشهر منه عندهم، وكذا القول بأنه تركه؛ لأنهم لم يكن لهم إليه سبيل من أجل كفار مضر ليس بمستقيم؛ لأنه لا يلزم من عدم الاستطاعة في الحال ترك الإخبار به ليعمل به عند الإمكان، كما في الآية،

<<  <  ج: ص:  >  >>