للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان لعبد القيس وفدتان:

إحداهما: قبل الفتح، ولهذا قالوا له -عليه الصلاة والسلام: حال بيننا وبينك كفار مضر، وكان ذلك قديمًا، إمَّا في سنة خمس أو قبلها، وكانت قريتهم بالبحرين، وكان عدد الوفد الأوَّل ثلاثة عشر رجلًا، وقيل: كانوا أربعة عشر راكبًا،


بل دعوى أنهم لا سبيل لهم إلى الحج ممنوعة؛ لأنه يقع في الأشهر الحرم، وقد ذكروا أنهم يأمنون فيها، لكن يمكن أن يقال إنما أخبرهم بعض الأوامر، لكونهم سألوا أن يخبرهم بما يدخلون بفعله الجنة، فاقتصر لهم على ما يمكن فعله في الحال، ولم يقصد إعلامهم بجميع الأحكام التي تجب عليهم فعلًا وتركًا، ويدل على ذلك اقتصاره في المناهي على الانتباذ في الأوعية، مع أنَّ في المناهي ما هو أشد تحريمًا من الانتباذ، لكن اقتصر عليها لكثرة تعاطيهم لها، وزيادة أبي قلابة الحج بلفظ: وتحجوا البيت الحرام، أخرجه البيهقي شاذة، وقد أخرجه الشيخان ومن استخرج عليهما، والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان من طريق شيخ أبي قلابة، فلم يذكر أحد منهم الحج، وأبو قلابة تغيِّر حفظه في آخر أمره، فلعلَّ هذا مما حدَّث به في التغيّر، لكن هذا بالنسبة لرواية أبي جمرة -بجيم وراء- عن ابن عباس.
وقد روى أحمد من طريق سعيد بن المسيب وعكرمة عن ابن عباس، ذكر الحج في قصة وفد عبد القيس، فإن كان محفوظًا، فالمراد بالأربع ما عدا الشهادتين وأداء الخمس، "وقد كان لعبد القيس وفدتان، إحداهما قبل الفتح، ولهذا قالوا له -عليه الصلاة والسلام: حال بيننا وبينك كفار مضر، وكان ذلك قديمًا، إمَّا في سنة خمس" من الهجرة "أو قبلها" وكان سبب ذلك أن منقذ -بميم مضمومة، ونون ساكنة وقاف مكسورة. ابن حبان -بفتح المهملة والموحدة، كان متجره إلى المدينة، فمرَّ به -صلى الله عليه وسلم، وهو قاعد، فنهض إليه منقذ، فقال -عليه الصلاة والسلام: "كيف قومك"؟ ثم سأله عن أشرافهم رجل رجل بأسمائهم، فأسلم منقذ، وتعلّم الفاتحة وسورة اقرأ، وكتب -عليه الصلاة والسلام- لجماعة عبد القيس كتابًا، فلمَّا دخل على قومه كتمه أيامًا، وكان يصلي، فقالت زوجته لأبيها المنذر بن عائذ، وهو الأشجّ: إني أنكرت فعل بعلي منذ قدم من يثرب، إنه ليغسل أطرافه، ثم يستقبل الكعبة، فيحني ظهره مرّة، ويضع جبينه إلى الأرض أخرى، فاجتمعا فتجاريا ذلك، فوقع الإسلام في قلبه، ثم أخذ المنذر كتابه -عليه الصلاة والسلام، وذهب إلى قومه، فقرأه عليهم، فأسلموا، وأجمعوا المسير إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم، كذا ذكر الكرماني، "وكانت قريتهم بالبحرين" أول قرية أقيمت فيها الجمعة بعد المدينة، كما يأتي، "وكان عدد الوفد الأوّل ثلاثة عشر رجلًا" كما رواه البيهي وغيره "وقيل: كانوا أربعة عشر راكبًا" كما جزم به القرطبي والنووي, وهم: المنذر بن عائذ، وهو الأشج، ومنقذ بن حبان،

<<  <  ج: ص:  >  >>