للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرض الحجّ كان سنة ست على الأصح، ولكنه اختار -كغيره- أنَّ فرض الحج في السنة العاشرة، حتى لا يرد على مذهبه أنه على الفور شيء.

وقد احتجَّ الشافعي بكونه على التراخي, بأن فرض الحج كان بعد الهجرة، وأنه -صلى الله عليه وسلم- كان قادرًا على الحج في سنة ثمان، وفي سنة تسع، ولم يحجّ إلا في سنة عشر، وسيأتي في حجه -صلى الله عليه وسلم- من مقصد عبادته مزيد بيان لذلك -إن شاء الله تعالى.

فإن قلت: كيف قال -صلى الله عليه وسلم: "آمركم بأربع" والمذكورات خمس؟

قلت: أجاب القاضي عبد الوهاب تبعًا لابن بطال: بأن الأربع ما عدا أداء الخمس، قال: وكأنه أراد إعلامهم بقواعد الإيمان وفروض الأعيان التي هي الأربع, ثم أعلمهم بما يلزمهم إخراجه إذا وقع لهم جهاد؛ لأنهم كانوا بصدد محاربة كفار مضر، ولم يقصد إلى ذكرها بعينها؛ لأنها مسببة عن الجهاد، ولم يكن الجهاد إذ ذاك فرض عين. قال: وكذلك لم يذكر الحج لأنه لم يكن فرض.


الحج كان سنة ست على الأصح" فالتحرير أنهم قدموا مرتين: مرة قبل سنة ست، ولذا لم يذكر الحج، ومرة بعدها سنة ثمان أو تسع، "ولكنَّه اختار كغيره أن فرض الحج في السنة العاشرة حتى لا يرد على مذهبه، أنه على الفور شيء" وبنى مختاره على اتخاذ القدوم، "وقد احتجَّ الشافعي بكونه على التراخي، بأن فرض الحج كان بعد الهجرة، وأنه -صلى الله عليه وسلم- قادر على الحج في سنة ثمان" التي هي سنة الفتح، وولَّى على الحج فيها عتاب بن أسيد كما مَرَّ.
"وفي سنة تسع" وفيها ولَّى الصِّدِّيق على الحج، "ولم يحج إلّا في سنة عشر" فدل ذلك على التراخي، وأجاب القائلون بالفور: بأنه لم يحج في السنتين لأعذار، "وسيأتي في حجه -علي الصلاة والسلام- من مقصد عباداته مزيد بيان لذلك إن شاء الله تعالى" وقد شاء، "فإن قلت: كيف قال -صلى الله عليه وسلم: "آمركم بأربع" والمذكورات خمس، قلت: أجاب القاضي عبد الوهاب" كذا في نسخ المصنف والمذكور في الفتح القاضي فقط، ثم أفصح عنه بعد قليل بقوله: القاضي عياض، وهو الصواب لقوله: "تبعًا لابن بطال" المتوفَّى سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وعبد الوهاب مات سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة عن ستين سنة، فهو متقدّم الوفاة على ابن بطال، فكيف يتبعه، "بأن الأربع ما عدا أداء الخمس، قال: وكأنه أراد إعلامهم بقواعد الإيمان وفروض الأعيان التي هي الأربع، ثم أعلمهم بما يلزمهم إخراجه إذا وقع لهم جهاد؛ لأنهم كانوا بصدد محاربة كفار مضر، ولم يقصد إلى ذكرها" أي: الخصلة الخامسة "بعينها؛ لأنها مسببة عن الجهاد، ولم يكن الجهاد إذ ذاك فرض عين، قال: وكذلك لم يذكر الحج؛ لأنه لم يكن فرض".

<<  <  ج: ص:  >  >>