للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعقَّب بأنه وقع في صحيح البخاري أيضًا في رواية: "آمركم بأربع: شهادة أن لا إله إلا الله" وعقد واحدة" فدلَّ على أن الشهادة إحدى الأربع.

وقال القرطبي: قيل إن أوّل الأربع المأمور بها: إقام الصلاة، وإنما ذكر الشهادتين تركبًا، وإلى هذا نحا الطيبي، فقال: عادة البلغاء أنَّ الكلام إذا كان منصوبًا لغرض جعلوا سياقه له، وطرحوا ما عداه، وهنا لم يكن الغرض في الإيراد ذكر الشهادتين؛ لأن القوم كانوا مؤمنين مقرِّين بكلمتي الشهادة، ولكن ربما كانوا يظنون الإيمان مقصور عليهما كما كان الأمر في صدر الإسلام. قال: ولهذا لم


وكأنه أراد أن يرفع إشكال كون الإيمان واحدًا، والموعود بذكره أربع، وقد أجيب عن ذلك؛ بأنه باعتبار أجزائه المنفصلة أربع، وهو في ذاته واحد، والمعنى: إنه اسم جامع للخصال الأربع التي ذكر أنه يأمرهم بها، ثم فَسَّرها، فهو واحد بالنوع متعدد بحسب وظائفه، كما أن المنهي عنه وهو الانتباذ فيما يسرع إليه الإسكار واحد بالنوع متعدِّد بحسب أوعيته، والحكمة في الإجمال بالعدد قبل التفسير أن تتشوَّق النفس إلى التفصيل، ثم تسكن إليه، وأن يتحصَّل حفظها للسامع، فإذا نسي شيئًا من تفاصيلها طلب نفسه بالعدد، فإذا لم يستوف العدد الذي في حفظه علم أنه قد فاته بعض ما سمع. انتهى، فاختصره المصنّف بقوله: "وتعقَّب بأنه وقع في صحيح البخاري أيضًا في رواية" له في المغازي: "آمركم بأربع: شهادة أن لا إله إلا الله، وعقد واحدة" , وعنده في فرض الخمس، وعقد بيده، "فدلَّ على أن الشهادة إحدى الأربع", وأمَّا ما وقع عند البخاري في الزكاة من زيادة واو في قوله: "وشهادة أن لا إله إلا الله"، فهي زيادة شاذّة لم يتابع أحد عليها، راويها حجَّاج بن منهال، ومما يدل أيضًا على أنه عد الشهادتين من الأربع، رواية البخاري في المواقيت بلفظ: "آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع"، ثم فسرها لهم: "شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله"؛ لأنه أعاد الضمير في قوله، فسرها مؤنثًا، فيعود على الأربع، ولو أراد تفسير الإيمان لأعاده مذكرًا، قاله الحافظ.
"وقال القرطبي:" أبو العباس في المفهم على مسلم، "قيل" في الجواب عن الإشكال: "إن أول الأربع المأمور بها إقام الصلاة، وإنما ذكر الشهادتين تبركًا،" كما قيل في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] "وإلى هذا نحا الطيبي، فقال: عادة البلغاء أنَّ الكلام إذا كان منصوبًا" أي: مسوقًا "لغرض, جعلوا سياقه له، وطرحوا ما عداه" وإن ذكروه، "وهنا لم يكن الفرض في الإيراد ذكر الشهادتين؛ لأن القوم كانوا مؤمنين مقرين بكلمتي الشهادة،" فلم يقصدا بالذكر، بل ذكرًا تبركًا، "ولكن ربما كانوا يظنون أن الإيمان مقصور عليهما، كما كان الأمر في صدر الإسلام، قال: ولهذا لم يعد الشهادتين في

<<  <  ج: ص:  >  >>