"عن أبيه" أسامة بن عمير بن عامر الهذلي البصري، صحابي تفرد بالرواية عنه ولده، أخرج له أصحاب السنن الأربعة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الختان سنة للرجال، مكرمة للنساء" أي: إنه في حقهن دونه في حق الرجال فهو فيهم متأكد، "رواه أحمد في مسنده والبيهقي" وفي مسنده الحجاج بن أرطاة ضعيف لكن له شواهد، فرواه الطبراني في كبيره من حديث شداد بن أوس، وابن عباس، وأبو الشيخ، والبيهقي عن ابن عباس من وجه آخر، والبيهقي أيضًا عن أبي أيوب، فالحدث حسن، فقامت به الحجة. "وأجاب من أوجبه بأنه ليس المراد بالسنة هنا" في هذا الحديث "خلاف الواجب، بل المراد الطريقة" زاعمين أن ذلك المراد في الأحاديث، ورد بأنه لما وقعت التفرقة بين الرجال والنساء، دل على أن المراد افتراق الحكم ودفعه بأنه في حق الرجال للوجوب والنساء للإباحة لما لا يسمح إذ ينبو عنه اللفظ على أنه قد ورد إطلاق السنة على خلاف الواجب في أحاديث كثيرة؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله افترض رمضان وسننت لكم قيامه". رواه النسائي والبيهقي. وقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث هن علي فرائض ولكنه سنة: الوتر والسواك وقيام الليل". فهذا الحديث من جملتها والتبادر آية الحقيقة، ويقويه خبر الصحيحين وغيرهما مرفوعًا: "خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط". فإن انتظامه مع هذه الخصال التي ليست واجبة إلا عند بعض من شذ يفيد أن الختان ليس بواجب، إذ المراد بالفطرة بالكسر: السنة، بدليل بقية الحديث وحمله على الوجوب في الختان والسنة في باقيه تحكم بلا دليل. "واحتجوا على وجوبه، بقوله تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: ١٢٣] والأمر للوجوب، ومن ملته الختان، "و" ذلك لأنه "ثبت في