للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اختتن إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم..........................


الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اختن" بهمزة وصل "إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانين سنة". وعند مالك في الموطأ والبخاري في الأدب المفرد، وابن حبان عن أبي هريرة موقوفًا، وابن السماك وابن حبان أيضا عنه مرفوعًا: "وهو ابن مائة وعشرين"، وزادوا: "وعاش بعد ذلك ثمانين سنة"، وأعل بأن عمره مائة وعشرون, ورد بأنه مثله عند ابن أبي شيبة وابن سعد والحاكم والبيهقي وصححاه، وأبي الشيخ في العقيقة من وجه آخر، وزادوا أيضًا: "وعاش بعد ذلك ثمانين" فعلى هذا عاش مائتين. قال الحافظ في الفتح وتبعه السيوطي: وجمع بعضهم بأن الأول حسب من منذ نبوته، والثاني حسب من مولده، انتهى. ونحوه قال الحافظ في موضع آخر: يجمع بأن المراد بقوله: وهو ابن ثمانين من وقت فراق قومه وهجرته من العراق إلى الشام، وقوله: وهو ابن مائة وعشرين، أي: من مولده، وبأن بعض الرواة رأى مائة وعشرين، فظنها إلا عشرين أو عكسه، انتهى.
والأول أولى، إذ الثاني توهيم للرواة بلا داعية مع أن الجمع أمكن بدون توهيمهم، وأم الجمع بأنه عاش ثمانين غير مختون، وعشرين ومائة مختونًا؛ فرده ابن القيم بأنه قال: أختتن وهو ابن مائة وعشرين، ولم يقل: لمائة وعشرين، وبينهما فرق.
"بالقدوم" بالتخفيف عند أكثر رواة البخاري. وقال النووي ولم يختلف فيه رواة مسلم اسم آلة البخار، يعني: الفأس؛ كما في رواية ابن عساكر، ورواه الأصيلي والقابسي بالتشديد وأنكره يعقوب بن شيبة، وقيل: ليس المراد الآلة بل المكان الذي وقع فيه الختان، وهو أيضًا بالتخفيف والتشديد قرية بالشام، والأكثر على أنه بالتخفيف، وإرادة الآلة؛ كما قاله يحيى بن سعيد أحد رواته وأنكر النضر بن شميل الموضع ورجحه البيهقي والقرطبي والزركشي والحافظ مستدلا بحديث أبي يعلى: "أمر إبراهيم بالختان فاختتن بقدوم فاشتد عليه، فأوحى الله إليه: عجلت قبل أن نأمرك بآلته، قال: يا رب كرهت أن أؤخر أمرك"، انتهى. وذكر الحافظ أبو نعيم نحوه، وقال: قد يتفق الأمران فيكون قد اختتن بالآلة وفي الموضع، انتهى هذا.
والاستدلال بما ذكر على وجوب الختان لا يصح؛ لأن معنى الآية كما ذكر البيضاوي والرازي وغيرهما؛ أن اتبع ملة إبراهيم في التوحيد والدعوة إليه برفق وإيراد الدلائل مرة بعد أخرى، والمجادلة، مع كل أحد بحسب فهمه، أي: لا في تفاصيل أحكام الفروع وإلا لم يكن صاحب شرع مستقل بل داعيًا إلى شرع إبراهيم كأنبياء بني إسرائيل، فإنهم كانوا داعين إلى شرع موسى، وهذا خلاف الإجماع على أنهم قد وقعوا بهذا الاستدلال في محذور، وهو أنهم لا يرون

<<  <  ج: ص:  >  >>