للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل: إن الترجمة مشتملة على طائفتين، وليس المراد اجتماعهما في الوفادة، فإن قدوم الأشعريين كان مع أبي موسى في سنة سبع عند فتح خيبر، وقدوم حمير كان في سنة تسع، وهي سنة الوفود، ولهذا اجتمعوا مع بني تميم.

روى يزيد بن هارون، عن حميد, عن أنس, أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يقدم عليكم قوم هم أرقّ منكم قلوبًا". فقدم الأشعريون فجعلوا يرتجزون:

غدًا نلقى الأحبه ... محمدًا وحزبه


قال في الإصابة: فيه عدة مجاهيل. انتهى، فالصحبة والقدوم إنما هو لنافع بن زيد، لا لإياس بن عمرو؛ فإنه ليس بصحابي، ولم يترجم له في الإصابة، بل هو تابعي مجهول، كما رأيت عن الإصابة، "والحاصل أن الترجمة مشتملة على طائفتين" الأشعريين والحميريين، "وليس المراد اجتماعهما في الوفادة، فإن قدوم الأشعريين كان مع أبي موسى" عبد الله بن قيس، "في سنة سبع عند فتح خيبر" وقيل: إن أبا موسى قدم قبل الهجرة، ثم كان ممن هاجر إلى الحبشة الهجرة الأولى، ثم قدم الثانية صحبة جعفر، والصحيح أنه خرج طالبًا المدينة في سفينة، فألقتهم الريح إلى الحبشة، فاجتمعوا فيها بجعفر، ثم قدموا صحبته، "وقدوم حمير كان في سنة تسع، وهي سنة الوفود، ولهذا اجتمعوا مع بني تميم", وعلى هذا: فإنما ذكر البخاري الأشعريين هنا؛ ليجمع ما وقع له من شرطه من بعوث وسرايا ووفود، وإن تباينت تواريخهم، وقد عقد ابن سعد في الطبقات للوفود بابًا، وذكر وفد حمير، ولم يقع له قصة نافع بن زيد التي ذكرتها، قاله كله الحافظ.
"وروى يزيد" بتحتية وزاي "ابن هارون" بن زاذان السلمي، مولاهم أبو خالد الواسطي، ثقة متقن، عابد، روى له الستة, ومات سنة ست ومائتين، وقد قارب التسعين, "عن حميد" الطويل البصري: اختلف في اسم أبيه على نحو عشرة أقوال، ثقة مدلس، مات سنة اثنتين، ويقال: سنة ثلاث وأربعين ومائة، وهو قائم يصلي، وله خمس وسبعون سنة، روى له الجميع، "عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يقدم عليكم قوم هم أرقّ منكم قلوبًا"، فقدم الأشعريون، فجعلوا يرتجزون" قائلين: "غدًا نلقى الأحبة محمدًا وحزبه،" وهذا رواه الإمام أحمد وغيره، ولا يلزم من ذلك تفضيلهم على المخاطبين؛ لأنها مزية.
عم من المشكل ما روى أحمد والبزار والطبراني، عن جبير بن مطعم مرفوعًا: "أتاكم أهل اليمن، كأنهم السحاب، وهم خيار في الأرض"، فقال رجل من الأنصار: إلّا نحن، فسكت، ثم قال: إلّا نحن، فسكت، ثم قال: إلَّا نحن يا رسول الله، قال: "إلّا أنتم كلمة ضعيفة"، قال: ولما لقوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلموا، وبايعوا، فقال -صلى الله عليه وسلم: "الأشعريون كصرة فيها مسك" ولا إشكال؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>