وفي رواية البخاري: "أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وأضعف" هو بمعنى رواية البخاري وألين "قلوبًا". قال الخطابي: وصف الأفئدة بالرقة والقلوب باللين؛ لأن الفؤاد غشاء القلب، فإذا رقَّ نفذ القول وخلص إلى ما وراءه، فإذا غلظ بعد وصوله إلى داخل، فإذا صادف القلب لينًا علق به وتجمع فيه. وقال البيضاوي: الرقة ضد الغلظ، واللين يقابل القسوة، فاستعيرت في أحوال القلب، فإذا نبا عن الحق، وأعرض عن قبوله، ولم يتأثر بالآيات والنذر، وصف بالغلظ، وكان شعاعه ضعيفًا لا ينفذ فيه الحق، وجرمه صلب لا يؤثر فيه الوعظ، وإذا كان يعكس ذلك يوصف بالرقة واللين، فكان حجابة رقيقًا، لا يأبى نفوذ الحق، وجوهره لين يؤثر فيه النصح. وقال الطيبي: يمكن أن يراد بالفؤاد والقلب: ما عليه أهل اللغة من كونهما مترادفين، فكرَّر ليناط به معنى غير المعنى الأول، فإنَّ الرقة مقابلة للغلظ، واللين مقابل للشدة والقسوة، فوصف أولًا بالرقة ليشير إلى التخلق مع الناس، وحسن العشرة مع الأهل والإخوان. قال تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: ١٥٩] . وثانيًا: باللين ليأخذ بأن الآيات النازلة والدلائل المنصوبة راجعة فيها، وصاحبها يقيم على التعظيم لأمر الله تعالى. انتهى. "الإيمان" وفي رواية: الفقه "يمان" أي: منسوب لأهل اليمن؛ لأن صفاء القلب ورقته ولين جوهره تؤدي إلى عرفان الحق والتصديق به، وهو الإيمان والانقياد. وقال أبو عبيدة وغيره: معناه: إن مبدأ الإيمان من مكة؛ لأن مكة من تهامة، وتهامة من اليم، وقيل: المراد مكة والمدينة لصدور هذا الكلام من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو بتبوك، فتكون المدينة حينئذ بالنسبة إلى المحل الذي هو فيه يمانية، وقيل: واختاره أبو عبيد أن المراد الأنصار؛ لأنهم يمانون في الأصل، فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصاره. وقال ابن الصلاح: لو تأملوا ألفاظ الحديث، لما احتاجوا إلى هذا التأويل، لأن قوله: "أتاكم