قال الحافظ: ولا مانع أن المراد ما هو أعم من قول أبي عبيد وابن الصلاح، وحاصله أنه يشمل من ينسب إلى اليمن بالسكنى وبالقبيلة، لكن كون المراد من ينسب بالسكنى أظهر، بل هو المشاهد في كل عصر من أحوال سكان اليمن وجهة الشمال، فغالب من يوجد من جهة اليمن رقاق القلوب والأبدان، وغالب من يوجد من جهة الشمال غلاظ القلوب والأبدان، "والحكمة يمانية" بخفة الياء- فقلوبهم معادن الإيمان وينابيع الحكمة، والأصل: يمني ويمنية، فحذفت الياء تخفيفًا، وعوَّض عنها بالألف، "والسكينة" بفتح السين وخفة الكاف- الطمأنينية والسكون والوقار والتواضع "في أهل الغنم" لأنهم غالبًا دون أهل الإبل في التوسّع والكثرة، وهما من سبب الفخر والخيلاء. وعند ابن ماجه عن أم هانئ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لها: "اتخذي الغنم فإنها بركة"، وقيل: أراد بأهل الغنم أهل اليمن؛ لأن غالب مواشيهم الغنم, "والفخر" بفتح الفاء، وإسكان المعجمة، وبالراء- ادَّعاء العِظَمِ والكبر والشرف، ومنه الإعجاب بالنفس "والخيلاء" بضم المعجمة، وفتح التحتية والمد- الكبر واحتقار الغير "في الفدادين" بشد الدال عند الأكثر جع فدّاد، وهو من يعلو صوته في إبله وخيله وحرثه ونحو ذلك، والفديد: الصوت الشديد، وقيل: المكثرون الإبل من مائتين إلى ألف، وقيل: الجمّالون والبقارون والحمارون والرعيان، وقيل: من يسكن الفدافد جمع فدفد، وهو البراري والصحاري وهو بعيد، وحكى تخفيف الدال جمع فدان، والمراد البقر التي يحرث عليها، فهو على حذف مضاف. قال الحافظ: ويؤيد الأول رواية في البخاري، وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل "أهل الوبر" بفتح الواو والموحدة وبالراء. للإبل بمنزلة الشعر لغيرها, وهذا بيان للفدادين، أي: ليسوا من أهل المدن، بل من أهل البدو "قبل" بكسر القاف وفتح الموحدة- جهة "مطلع الشمس". قال الخطابي: إنما ذمَّ هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه عن أمور دينهم، وذلك يفضي إلى قساوة القلب. وقال البيضاوي: تخصيص الخيلاء بأصحاب الإبل، والوفاء بأهل الغنم، دليل على أن