للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال لهم -عليه الصلاة والسلام: "بم كنتم تغلبون من قاتلكم"؟ , قال: كنا نجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحدًا بظلم، قال: "صدقتم".

وأمَّرَ عليهم قيس بن الحصين، فرجعوا إلى قومهم في بقية من شوال أو من ذي القعدة، فلم يمكثوا إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم.


ابن إسحاق؛ إذ روايته موافقة لما عند الواقدي، كما رأيت.
قال ابن إسحاق: فلمَّا رآهم النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند"؟ قيل: هؤلاء بنو الحارث بن كعب، فسلَّموا عليه وقالوا: نشهد أنك لرسول الله, وأنه لا إله إلا هو، فقال: "وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله"، ثم قال: "أنتم الذين إذا زجروا استقدموا"، فسكتوا، فأعادها ثلاث مرات، فقال يزيد بن عبد المدان بعد الرابعة: نعم يا رسول الله, نحن الذين إذا زجروا استقدموا، قالها أربع مرات، فقال -صلى الله عليه وسلم: "لو أنَّ خالدًا لم يكتب إليّ أنكم أسلمتم، ولم تقاتلوا؛ لألقيت رءوسكم تحت أقدامكم"، فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله ما حمدناك وما حمدنا خالدًا، قال: "فمن حمدتم"؟ قال: حمدنا الله الذي هدانا بك يا رسول الله، قال: "صدقتم".
"وقال لهم -عليه الصلاة والسلام: "بم كنتم تغلبون من قاتلكم" في الجاهلية؟ قال: لم نكن نغلب أحدًا، قال: "بلى قد كنتم تغلبون من قاتلكم"، "قال -أي: يزيد بن عبد المدان: كما رأيت، فتصرف المصنّف في الرواية، فلم يعلم منه فاعل، قال: وفي نسخة قالوا: وهي أظهر؛ لأنه حكاه بالمعنى، فنسبه إليهم، وأنَّ المتكلم يزيد لكونهم عليه "كنا نجتمع ولا نتفرق ولا نبدأ أحدًا بظلم، قال: "صدقتم".
وروى ابن شاهين في الصحابة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: "ما الذي تغلبون به الناس وتقهرونهم"؟ قالوا: لم نقل فندل، ولم نكثر فنتحاسد ونتجادل، ونجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحدًا بظلم، ونصبر عند البأس، فقال: "صدقت"، "وأمَّر" بشد الميم "عليهم قيس بن الحصين، فرجعوا إلى قومهم في بقية من شوَّال، أو من ذي القعدة".
لفظ ابن إسحاق: أو في صدر ذي القعدة، "فلم يمكثوا إلّا أربة أشهر حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم".
زاد ابن إسحاق: وكان -صلى الله عليه وسلم- بعث إليهم بعد أن ولّى وفدهم عمرو بن خرم ليفقههم في الدين، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام، ويأخذ منهم صدقاتهم، وكتب إليه كتابًا عهد إليه فيه عنده، وأمَّره فيه أمره، وذكر لفظ الكتاب مطولًا، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>