للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا نبي الله, إنه قد غلبني على دوس الزنا، فادع الله عليهم، فقال: "اللَّهمَّ اهد دوسًا"، ثم قال: "ارجع إلى قومك فادعهم إلى الله وارفق بهم"، فرجعت إليهم, فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الله، ثم قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخيبر، فنزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتًا من دوس.


وعند الطبراني: فأجابه أبو هريرة وحده، "فجئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم" بمكة، كما في نفس رواية ابن إسحاق، "فقلت: يا نبي الله, إنه قد غلبني على دَوْس الزنا،" أي: حبهم له، وعلمهم أنهم إن أسلموا منعوا منه، وفي البخاري عن أبي هريرة: جاء الطفيل بن عمرو إلى النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال: إن دوسًا قد هلكت، عصت وأبت، "فادع الله عليهم، فقال: "اللهم اهد دوسًا"،" زاد البخاري: "وائت بهم".
قال الحافظ في الفتح: وقع مصداق ذلك، فذكر ابن الكلبي أن جندب بن عمرو بن جممة الدوسي كان حاكمًا على دَوْس، وكذا كان أبوه من قبله، وكان جندب يقول: إني لأعلم أن للخلق خالقًا، لكني لا أدري من هو، فلمَّا سمع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- خرج إليه، ومعه خمسة وسبعون رجلًا من قومه، فأسلم وأسلموا. انتهى، وجندب -بجيم فنون فدال فموحدة.
ذكره في الإصابة في حرف الجيم، فال: قتل بأجنادين، ولا يعرف له حديث، وذكر فيها أيضًا عمرو بن حممة -بضم المهملة وفتح الميم الخفيفة بعدها مثلها- الدوسي.
ذكر ابن دريد: إنه وفد على النبي -صلى الله عليه وسلم, والذي ذكره غيره أنه مات في الجاهلية.
قال المرزباني: كان أحد حكام العرب في الجاهلية، وأحد المعمِّرين، يقال: إنه عاش ثلاثمائة وتسعين سنة، وهو القائل:
كبرت وطال العمر مني كأنني ... سليم أفأعي ليلة غير مودع
أخبر أخبار القرون التي مضت ... ولابُدّ يومًا أن يطار لمصرعي
وما السقم أبلاني ولكن تتابعت ... عليّ سنون من مصيف مربع
ثلاث مئين من سنين كوامل ... وها أنا هذا أرتجي مر أربع
فأصبحت بين الفخ والعش نادبًا ... إذا رام طيَّارًا يقال له: قع
"ثم قال: "ارجع إلى قومك، فادعهم إلى الله، وارفق بهم"؛ إذ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، "فرجعت إليهم، فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الله" حتى هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، ومضت بدر وأحد والخندق، كما هو قوله في ابن إسحاق، وعقَّبه بقوله: "ثم قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم" حال كونه "بخيبر" أو خبر مبتدأ، أي: وهو بخيبر، وليس ظرفًا لغوًا متعلقًا بقدمت؛ لأن قدومهم كان إلى المدينة، ظانِّين أنه بها، كما أفاده بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>