قال الخطابي: وأما من قبله، فإنما أبيحت لهم الصلاة في أماكن مخصوصة، كالبيع والصوامع؛ لأنا نقول إنما ذلك في الحضر، فأمَّا السفر، فتباح لهم الصلاة في غيرها، وقد كان عيسى يسيح في الأرض، ويصلي حيث أدركته الصلاة، "فأراد الناس منعهم" لما فيه من إظهار دينهم الباطل بحضرة المصطفى، وفي مسجده، "فقال -عليه الصلاة والسلام: "دعوهم" , اتركوهم تأليفًا لهم ورجاء إسلامهم، ولدخولهم بأمان، فأقرَّهم على كفرهم، ومنع مَنْ تعرَّض لهم، فليس فيه إقرار على الباطل، "فاستقبلوا المشرق، فصلوا صلاتهم،" ومستقبل المشرق بالمدينة ليس مستقبلًا للكعبة، ولا مستدبرها، كما حملوا عليه حديث الصحيحين: "إذا أتى أحدكم بغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره، شرقوا أو غربوا" , بخلاف نحو مصر، فمن شَرَّق استقبلها، "وكانوا ستين راكبًا، منهم أربعة وعشرون رجلًا من إشرافهم" كما عند ابن إسحاق، وسرد أسماءهم، وفي رواية ابن سعد: أربعة عشر، ولا منافاة لاحتمال أن الأربعة عشر أعظم الأشراف، "والأربعة والعشرون، منهم ثلاثة نفر" إضافة بيانية؛ إذ النفر من الثلاثة "إليهم يئول أمرهم, العاقب أمير القوم، وذو رأيهم، وصاحب مشورتهم" يشبه عطف السبب على المسبب، "واسمه: عبد المسيح" والعاقب لقبه، "والسيد صاحب رحلهم" أي: ارتحالهم، أي: صاحب معرفة أماكنهم في الرحيل؛ لخبرته بالطرق، "ومجتمعهم" بالجر أو الرفع, عطف على صاحب، أي: مكان اجتماعهم عند آرائهم، فلا ينافي أن العاقب صاحب رأيهم، "واسمه: الأيهم -بتحتية ساكنة" ثم هاء, بزنة جعفر، "ويقال: شرحبيل" اسمه بدل الأيهم، "وأبو حارثة بن علقمة" في الفتح، وأبو الحارث علقمة، بإسقاط ابن "أخو بكر بن وائل", المراد أنه من قبيلة بكر، المذكور لا أخوه حقيقة، وهذا كثير في كلامهم كقوله: