للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: أيكم محمد؟ والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكئ بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ، فقال له الرجل: ابن عبد المطلب؟


على بعير له حتى أتى المسجد، فأناخه، ثم عقله، فدخل المسجد، وأصرح منه روايةً ابن عباس عند أحمد والحاكم، ولفظه: فأناخ بعيره على باب المسجد, فعقله ثم دخل، فعلى هذا، ففي رواية أنس مجاز الحذف والتقدير، فأناخه في ساحة المسجد، أو نحو ذلك, انتهى، وفيه: إن ساحة المسجد رحبته، كما في اللغة، ومذهب الشافعي أن الرحبة من المسجد، وهي ما بني لأجله، فتستحب فيها التحية، ويجوز الاعتكاف، فتمَّ الاستنباط، "ثم قال: أيكم" استفهام مرفوع، مبتدأ خبره "محمد", أو أيكم خبر قُدِّمَ؛ لأن الاستفهام له الصدر، "والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكئ" -بالهمز، مستوٍ على وطاء، والجملة اسمية وقعت حالًا، قاله المصنف، وتفسيره بهذا هو الظاهر هنا، وإن أطلق الاتكاء أيضًا على الميل على أحد الشقين، والتمكُّن من القعود بالتربُّع والاعتماد على اليد اليسرى، كما يأتي بسطه للمصنف.
قال الحافظ: فيه جواز إتكاء الإمام بين أتباعه، وفيه ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- من ترك التكبر لقوله: "بين ظهرانيهم" بفتح النون، أي: بينهم، وزيد لفظ ظهر، ليدل على أن ظهرًا منهم قدامه، وظهرًا وراءه، فهو محفوف بهم من جانبيه، والألف والنون فيه للتأكيد، قاله صاحب الفائق.
وقال الدماميني: زيدت الألف والنون على ظهر عند التثنية للتأكيد, ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقًا.
قال المصنف: فهو مما أريد بلفظة التثنية فيه معى الجمع، واستشكل ثبوت النون مع الإضافة، وأجيب بأنه ملحق بالمثنى، لا أنه مثنى ثني، وحذفت منه نون التثنية، وصار ظهرانيهم، "فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ".
قال الحافظ: أي: المشرب بحمرة، كما في رواية الحارث بن عمير الأمغر -بالغين المعجمة. قال حمزة بن الحارث: هو الأبيض المشرب بحمرة، ويؤيده ما يأتي في صفته -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يكن أبيض ولا أدم، أي: لم يكن أبيض صرفًا، "فقال له" للنبي -صلى الله عليه وسلم- "الرجل" الداخل "ابن عبد المطلب" بكسر الهمزة وفتح النون, كما في فرع اليونينية والذي رأيته في اليونينية بهمزة وصل.
قال شيخنا: ولا تنافي بينهما, فما في الأصل وصل كلمة بالرجل، وما في الفرع وقف على الرجل، وابتدأ بابن إشارة إلى أنه مقول القول، فالهمزة مكسورة.
وفي الفتح للحافظ: بفتح النون على النداء، وفي رواية الكشميهني: يا ابن بإثبات حرف

<<  <  ج: ص:  >  >>