للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مما حفظ دعائه: "اللهم اسق بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا مربعًا طبقًا واسعًا عاجلًا غير آجل، نافعًا غير ضار، اللهمَّ سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق, اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء"، الحديث رواه ابن سعد والبيهقي، ويأتي تمامه


قال الحافظ: ظاهره نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض بالأحاديث الثابتة بالرفع في غير الاستسقاء، وتقدَّم أنها كثيرة، وأفردها البخاري بترجمة في كتاب الدعوات، وساق فيه عِدَّة أحاديث، فذهب بعضهم إلى أن العمل بها أَوْلَى، وحمل حديث أنس على نفي رؤيته، وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره، وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس، لأجل الجمع بحمله على نفي الرفع البالغ إلّا في الاستسقاء، يدل عليه قوله: حتى رِيء إلخ، ويؤيده أن غالب الأحاديث الواردة في رفع اليدين في الدعاء، المراد به مد اليدين، وبسطهما عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء, زاد: فرفعهما إلى جهة وجهه حتى حاذاتاه، وبه حينئذ يرى بياض إبطيه، أو على صفة اليدين في ذلك، لما في مسلم عن أنس؛ أنه -صلى الله عليه وسلم- استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء، ولأبي داود عن أنس: كان يستسقي هكذا، ومد يديه وجعل طونهما مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه.
قال النووي: قال العلماء: السُّنَّة في كل دعاء لرفع بلاء أن يرفع يديه جاعلًا ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله أن يجعل كفيه إلى السماء أ. هـ، وتعقب الحمل الثاني بأنه يقتضي أنه يفعل ذلك، وإن كان استسقاؤه للطلب، كما هنا، مع أنه نفسه ذكر أن ما كان لطلب شيء، كان ببطون الكفَّين إلى السماء، والظاهر أنَّ مستند هذا استقراء حاله -صلى الله عليه وسلم- في دعاء الاستسقاء وغيره، "وكان مما حُفِظَ" بالبناء للمفعول من "دعائه: "اللهم اسق" بوصل الهمزة، وقطعها ثلاث ورباعي، وكذا ما بعده "بلدك" أي: أهل بلدك "الميت، اللهم اسقنا غيثنا" مطرًا "مغيثًا" من هذه الشدة, "مربعًا" بضم الميم، وإسكان الراء، وكسر الموحدة، وعين مهملة، أو بفوقية بدل الموحدة, من رتعت الدابة إذا أكلت ما شاءت، أو بفتح الميم، وكسر الراء، وسكون التحتية، ومهملة, من المراعة، وهي الخصب, "طبقًا" بفتح المهملة والموحدة وقاف، أي: مستوعبًا للأرض منطبقًا عليها "واسعًا" كالتأكيد طبقًا، "عاجلًا غير آجل، نافعًا غير ضار" بزرع، ولا مسكن، ولا حيوان وآدمي، أو بهيمة, "اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عذاب، ولا هدم، ولا غرق، ولا محق، اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء"، الحديث.
"رواه ابن سعد والبيهقي" في الدلائل، "ويأتي تمامه"، وهو: فقام أبو لبابة بن عبد المنذر، فقال: يا رسول الله, إن التمر في المربد ثلاث مرات، فقال -عليه السلام: "اللهم اسقنا حتى يقوم

<<  <  ج: ص:  >  >>