للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس مع أصحابه، فقال متكلمهم: يا رسول الله, إنا شهدنا أن الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، وجئناك ولم تبعث إلينا بعثًا.

فأنزل الله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: ١٧] .


فهزمه وهرب إلى الشام، ثم أسلم إسلامًا صحيحًا، ولم يغمض عليه بعد إسلامه، وأحرم بالحج، فرآه عمر، فقال: لا أحبك بعد قتل الرجلين الصالحين عكاشة بن محصن، وثابت بن أقرم، وكانا طليعتين لخالد، فلقيهما طليحة فقتلهما، فقال طليحة: هما رجلان أكرمهما الله بيدي، ولم يهنِّي بأيديهما يا أمير المؤمنين، فمعاشرة جميلة، فإن الناس يتعاشرون مع البغضاء، وشهد القادسية ونهاوند مع المسلمين، وذكروا له مواقف عظيمة في الفتوح، ويقال: إنه استُشْهِدَ بنهاوند سنة إحدى وعشرين، ووقع في الأم للشافعي أن عمر قتل طليحة وعيينة، وراجعت في ذلك جلال الدين البلقيني فاستغربه جدًّا، ولعله قبل -بالباء الموحدة- أي: قَبِلَ منهما الإسلام، قاله في الإصابة ملخصًا، واقتصر المصنف على تسمية هذين الاثنين من العشرة، تبعًا لما في بعض الروايات، وزاد ابن سعد: ضرار بن الأزور، وحضرمي ابن عامر، وقتادة بن القائف، وسلمة بن حبيش، ومعاذ بن عبد الله بن خلف، فجملة من سمي سبعة، ولم يسم الثلاثة الباقية، فقصَّر البرهان تقصيرًا شديدًا في قوله: ما عرفت منهم إلّا وابصة وطليحة، وفي الإصابة: أبو مكعت -بضم فسكون فمهملة مكسورة ثم مثناة فوقية- الأسدي, اسمه: عرفطة ابن نضلة، وقيل: الحارث بن ثعلبة, وفد في قومه بني أسد، فلمَّا وقف بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
يقول أبو مكعت صادقًا ... عليك السلام أبا القاسم
سلام الإله وريحانه ... وروح المصلين والصائم
فقال عليه السلام: "يا أبا مكعت, عليك السلام تحية الموتى" أ. هـ باختصار، فهذا ثامن، "ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس" في المسجد، كما في الرواية، فكأنه أسقطه للعلم به "مع أصحابه، فقال" لفظ ابن سعد: فسلَّموا، وقال "متكلمهم" -قال في النور: لا أعرفه: "يا رسول الله، إنا شهدنا أن الله وحده" حال وخبر أن "لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، وجئناك" لفظ الرواية.
وقال حضرمي ابن عامر، أتيناك نتدرع الليل البهيم في سنة شهباء، أي: نجعل الليل الشديد الظلمة درعًا لنا في سنة جدباء، لا مطر فيها من الشبهة البياض، "ولم تبعث إلينا بعثًا".
زاد ابن سعد: ونحن لمن وراءنا سلم، "فأنزل الله تعالى {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ} , أي: بأن {أَسْلَمُوا} من غير قتال بخلاف غيرهم ممن أسلم بعد قتال، {قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ} منصوب بنزع الخافض، وهو الباء، {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>