للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ورأيت نارًا خرجت من الأرض, فحالت بيني وبين ابن لي يقال له عمرو، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "تلك فتنة تكون في آخر الزمان" , قال: يا رسول الله، وما الفتنة؟ قال: "تقتل الناس إمامهم" وخالف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أصابعه, "يحسب المسيء فيها أنه محسن، ويكنّ دم المؤمن عند المؤمن أحلى من شرب الماء، إن مات ابنك أدركت الفتنة، وإن مت أنت أدركها ابنك".

قال: يا رسول الله, ادع الله أن لا أدركها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا يدركها". فمات فبقي ابنه فكان ممن خلع عثمان بن عثمان -رضي الله عنه

انتهى ملخصًا من الهدي النبوي، والله الموفق, وسيأتي هذا إن شاء الله تعالى في تعبيره الرؤيا -صلى الله عليه وسلم, من المقصد الثاني. انتهى.


إلّا القليل بالنسبة للماضي، كالباقي من عمر العجوز مما مضى، "قال: ورأيت نارًا خرجت من الأرض، فحالت بيني وبين ابن لي يقال له عمرو"، ورأيتها تقول: لظى لظى، بصير وأعمى، أطعموني، آكلكم آكلكم، أهلككم ومالك، هذا من جملة رؤياه، كما في المقصد الثامن والعيون، وكان معناه: تفترق الناس فيها فرقتين، بصير عرف الحق فاتبعه، وأعمى لم يهتد إلى طريق الحق فضلَّ، ومعنى أطعموني: افتتنوا بي، وارتكبوا الضلال، "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "تلك فتنة تكون في آخر الزما" سماه آخرًا، مع أنها قتل عثمان -رضي الله عنه, على معنى: إنه لغلظ أمره وفحشه بمنزلة ما يكون في آخر الزمان, الذي تندرس فيه الأحكام وتزول، حتى كأنها لا أثر لها، أو أنَّ المراد: آخر زمان الخلافة الحقيقية التي جروا فيها على سنن المصطفى، وسمَّاها آخرًا مع أنه بقي منها مدة علي وابنه، لقرب قتل عثمان من آخرها، "قال: يا رسول الله, وما الفتنة؟ " لأنها تطلق لغة على معانٍ، فسأله أيها أراد، "قال: "تقتل الناس إمامهم" "، ولفظ الآتي في التعبير، قال: "يفتك الناس بإمامهم، ثم يشتجرون اشتجار أطباق الرأس"، ثم قال: "إطباق الرأس عظامه"، والاشتجار: الاشتباك والاختلاف.
"وخالف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أصابعه"، لم يبينوا صفة المخالفة، "يحسب المسيء فيها أنه محسن"، جملة مستأنفة للإشارة إلى غلبتها على الناس، فيظنّ المبطل أنه محق، "ويكون دم المؤمن عند المؤمن أحلى" ألذ "من شرب الماء" للظمآن.
وفي العيون وغيرها: " أحلّ من الحل"، وكأنه لغلبة اشتباه الحال فيظن أنه محق، فيراه أشد حلًّا من شرب الماء، وخصَّه لغلبة حصوله من جهة حلّ، كالأنهار والأمطار وغيرهما، "إن مات ابنك أدركت الفتنة، وإن مت أنت أدركها ابنك"، قال: يا رسول الله, ادع الله أن لا أدركها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا يدركها"، فمات"، ولم يبينوا وقت موته "فبقي ابنه" عمرو بن زرارة، أورده صاحب الإصابة في القسم الأول، وقال: صحبته محتملة، "فكان ممن خلع عثمان بن عفان -رضي الله عنه".
وعند الكلبي وغيره: فكان أوّل خلق الله خلع عثمان بالكوفة، "انتهى ملخصًا من الهدي النبوي" لابن القيم، "والله الموفق، وسيأتي هذا"، أي: خبر زرارة -إن شاء الله تعالى "في تعبيره الرؤيا -صلى الله عليه وسلم, من المقصد الثاني، انتهى".

<<  <  ج: ص:  >  >>