"وقد ذكروا" زعم من المراد أهل الإشارة من الصوفية، فأما الفقهاء والمحدثون فلم يذكروا شيئًا من ذلك وفيه نظر، ففي الخميس روي عن مجاهد، قلت لابن عباس: تنازعت الطيور في إرضاع محمد صلى الله عليه وسلم، قال: أي والله، وكل نساء، وذلك لما نادى الملك في السماء الدنيا هذا محمد سيد الأنبياء، طوبى لثدي أرضعه، فتنافست الجن والطير في إرضاعه، فنوديت أن كفوًا فقد أجرى الله ذلك على أيدي الإنس، فخص الله بتلك السعادة وشرف بذلك الشرف حليمة، انتهى. "أنه لما ولد صلى الله عليه وسلم، قيل: من يكفل هذه الدرة اليتيمة؟ " أي: نادى ملك بمعنى هذا الكلام في سماء الدنيا، حيث قال: طوبى لثدي أرضعه؛ كما مر. "التي لا يوجد لمثلها" أي: لنفي ما يماثلها، "قيمة" فليس المراد أن له مثلا لكن لا قيمة له لنفاسته، بل المراد نفي القيمة والمثل معًا، "قالت الطيور" بلسان القال على الظاهر، ولا مانع منه "نحن نكفله ونغتنم خدمته العظيمة، وقالت الوحوش" حيوان البر "نحن أولى بذلك" منكم أيها الطيور لكونه في الأرض ونحن بها بخلافكم "ننال شرفه وتعظيمه" العائدين على من يكفله "فنادى لسان القدرة" شبه القدرة بذي لسان يأمر به وينهى استعارة بالكناية وإثبات اللسان تخييل والنداء ترشيح، "أن: يا جميع المخلوقات إن الله كتب في سابق حكمته القديمة" والمراد: أن قدرته تعلقت بإعلامهم بذلك "أن نبيه الكريم يكون رضيعًا لحليمة الحليمة" من الحلم، وقد ذكر العزفي أن عبد المطلب سمع وقت دخول حليمة هاتفًا، يقول: إن ابن آمنة الأمين محمدا ... خير الأنام وخيرة الأخيار ما أن له غير الحليمة مرضع ... نعم الأمينة هي على الأبرار مأمونة من كل عيب فاحش ... ونقية الأثواب والأزرار