زعم الأصيلي أنَّ قائل ذلك هشام بن عبد الملك، شيخ البخاري، فيه، وقد رواه بعده عن شيخه سليمان بن حرب، فقال: يستنجي بالماء، ورواه عن محمد بن جعفر بلفظ: إذ تبرز لحاجته أتيته بماء فيغسل به، "وفي رواية مسلم، عنه" أنس "فخرج" النبي -صلى الله عليه وسلم "علينا، وقد استنجي بالماء"، وللإسماعيلي: فأنطلق أنا وغلام من الأنصار معنا إداوة فيها ماء يستنجي منها النبي -صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ: فبان بهذه الروايات أن حكاية الاستنجاء من قول أنس، لا من قول هشام، كما ادَّعى الأصيلي، وأنه يحتمل أن الماء لوضوئه، فقد انتفى هذا الاحتمال بهذه الروايات، وهي تَرُدّ أيضًا زعم أبي عبد الملك البوني: إن قوله: يستنجي بالماء، مدرج من قول عطاء، راويه عن أنس، "وعن أبي هريرة قال: اتبعت النبي" بتشديد المثناة، أي: سرت وراءه "صلى الله عليه وسلم, و" قد "خرج لحاجته"، جملة وقعت حالًا، فلابُدَّ فيها من قد ظاهرة أو مقدرة، قاله المصنف. فظاهره أن لفظ: قد, لم يقع في رواية، فما في نسخ هنا من زيادتها لا يعتمد، وأسقط الراوية: كان لا يلتفت وراءه، فدنوت منه. زاد الإسماعيلي: أستأنس وأتنحنح، فقال: "من هذا"؟ فقلت: أبو هريرة، "فقال: "ابغني" بهمزة وصل ثلاثي، أي: اطلب لي، يقال: بغيتك الشيء، أي: طلبته لك، وبهمزة قطع إذا كان من المزيد، أي: أعني على الطلب، يقال: أبغيك الشيء، أي: أعنتك على طلبه؛ وهما روايتان. قال الحافظ: والوصل أليق بالسياق، ويؤيده رواية الإسماعيلي: "آتني"، وفي رواية: أبغ لي -بهمزة قطع، ولام بعد المعجمة بدل النون، "أحجارًا" مفعول ثان، لأبغني، أو آتني من آتاه بالمد أعطاه، والمعنى هنا ناولني أحجارًا "استنفض بها" بفاء مكسورة وضاد معجمة، مجزوم