للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن مسعود في هذا الحديث، فإن فيه: فألقى الروثة وقال: "إنها ركس ائتني بحجر"، ورجاله ثقات أثبات. واستدلال الطحاوي فيه نظر؛ لاحتمال أن يكون اكتفى بطرف أحدهما عن الثالث؛ لأن المقصود بالثلاثة: أن يمسح بها ثلاثة مسحات، وذلك حاصل ولو بواحد. انتهى ملخصًا من فتح الباري.


عبد الله السبيعي، عن علقمة؛ "عن ابن مسعود"، فسقط من المصنف راويان عند أحمد، مذكوران في الفتح، وهو من التلخيص المخلّ؛ إذ معمر لم يدرك ابن مسعود "في هذا الحديث، فإن فيه: فألقى الروثة، وقال: "إنها ركس ائتني بحجر"؛ وفي رواية: "ائتني بغيرها"، "ورجاله ثقات إثبات" روى لهم الشيخان زاد الحافظ: وقد تابع معمرًا عليه أبو شيبة الواسطي، وهو ضعيف، أخرجه الدارقطني، وتابعهما عمَّار بن زريق أحد الثقات؛ عن أبي إسحاق، وقد قيل: إن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة، لكن أثبت سماعه منه لهذا الكرابيسي، وعلى تقدير أنه أرسله عنه، فالمرسل حجّة عند المخالفين، وعندنا أيضًا إذا اعتضد.
"واستدلال الطحاوي" على تقدير أنه لم يأخذ إلّا الحجرين، "فيه نظر؛ لاحتمال أن يكون اكتفى" بالأمر الأول، في طلب الثلاثة, فلم يجدد الأمر بطلب الثالث، كما في الفتح قائلًا: أو اكتفى "بطرف أحدهما عن الثالث؛ لأن المقصود بالثلاثة أن يمسح بها ثلاث مسحات، وذلك حاصل ولو بواحد" والدليل على صحته، أنَّه لو مسح بطرف واحد ورماه، ثم جاء آخر فمسح بطرفه الآخر؛ لأجزأهما بلا خلاف "انتهى. ملخصًا من فتح الباري" وزاد وقال أبو الحسن بن القصار المالكي: روي أنه أتاه بثالث, لكن لا يصح، ولو صحَّ فالاستدلال به لمن لا يشترط الثلاثة قائم؛ لأنه اقتصر في الموضعين على ثلاثة, فحصل لك منهما أقلّ من الثلاثة، وفيه نظر أيضًا؛ لأن الزيادة ثابتة كما قدمنا؛ وكأنه إنما وقف على الطريق التي عند الدارقطني فقط، ثم يحتمل أنه لم يخرج منه شيء إلّا من سبيل واحد، وعلى تقدير أنه خرج منهما, فيحتمل أنه اكتفى للقبل بالمسح في الأرض وللدبر بالثلاث؛ أو مسح من كلّ منهما بطرفين، وأمَّا استدلالهم على عدم اشتراط العدد بالقياس على مسح الرأس، ففاسد الاعتبار؛ لأنه في مقابلة النص الصريح، كما تقدَّم من حديث أبي هريرة وسلمان, انتهى.
ولا فساد لحمل النص على الكمال والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>